> وقرار غير أمريكي صدر بإيقاف تمويل سد النهضة.. استصدرته مصر من جهات ليس من بينها الولايات المتحدة الامريكية.. ما يعني أنه ليس بذي قيمة.
> وما دفع مصر للقرار هو اكتشافها لتأثير سد التهضة على عشرين في المائة من مياه النيل المتدفقة في بحيرة السد العالي. جاء هذا الاكتشاف على ما يبدو بعد التوقيع على وثيقة سد النهضة في الخرطوم بثلاثة أقلام، سودانية وإثيوبية ومصرية. فهل التأثير سيكون على حصة مصر أم على فائض الحصة الذي لم يستفد منه السودان.
> القرار الذي صدر من الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وإيطاليا، لا يمكن وصفه بالدولي لأن القرار الدولي معلوم من أين وكيف يصدر. وهذه الجهات إذا كانت قد قررت مؤخراً إيقاف تمويل (استكمال) سد النهضة لافتراضها دون نتائج دراسة انه يؤثر على المياه الجارية نحو مصر، فهي إذن.. قررت فقط وقف التمويل.
> والتمويل يمكن أن يتدفق على إثيوبيا لاستكمال بناء السد من واشنطن ومن حصة إسرائيل في الموازنة الامريكية ومن لندن تابعة واشنطن ومن دول اخرى تنظر الى الاغلبية المسلمة في الشعب الاثيوبي. وفي الخبر حول القرار جاءت الإشارة الى أن مصادر دبلوماسية مصرية ذكرت أن التمويل المعلن للسد هو «250» مليون دولار.. وحجم الأعمال فيه يفوق المليار دولار.
> والسؤال هنا، هل هذا التمويل الملياري جاء من هذه الدول التي استصدرت منها مصر قرار وقف التمويل، ام من جهات اخرى ترى مصر أنها تستهدفها من خلال التأثير على ما تكسبه من تدفق مياه النيل؟. لو كان التمويل الزائد من جهات اخرى خفية، فإن هذا القرار يبقى تحصيل حاصل ولا معنى له لأن التمويل الذي يفوق المليار دولار مستمر. والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وإيطاليا والبنك الدولي، لا يمكنها مجتمعة أن توقف مشروعاً مثل سد النهضة تبارك تنفيذه واشنطن. فمصر بهذا القرار الأجوف لن تحقق ما تريده وليس أمامها غير الالتزام بوثيقة المبادئ حول السد التي وقعت عليها مع السودان وإثيوبيا في الخرطوم.
> ولو كانت مصر قد تمردت ذات يوم على لاءات الخرطوم الثلاث، و وقعت على اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان اليهودي في فلسطين، فليس بمقدورها الآن أن تتمرد على وثيقة الخرطوم وتتجاوزها بعد أن تكتشف أن أموالاً من حصة إسرائيل في الموازنة الامريكية تذهب الى استكمال بناء سد النهضة. كم في المائة نفذ من مشروع سد النهضة؟.. أليس يفوق الخمسين في المائة؟؟. ثم هل الطريقة هذي التي تتبعها مصر لإيقاف العمل في مشروع سد النهضة مناسبة؟
> مصر لم تُعر الطريقة الدبلوماسية بينها وبين إثيوبيا اهتماماً ودائماً تصريحاتها منذ البدء في تنفيذ السد تصب في تشويه العلاقات الدبلوماسية. والآن تتحدث عن أن هناك تمويلاً خفياً من دول تسعى لإحداث فقر مائي في مصر.
> إذن.. بماذا سيفيد استصدار القرار هذا إذا كان الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وإيطاليا والبنك الدولي ليست هي المقصودة بالدول والجهات التي تسعى لإحداث فقر مائي في مصر؟.
> وأكثر من ذلك فإن خبيراً مصرياً ضخماً في الموارد المائية مثل مغاوري شحاتة يشير إلى عدم جدوى قرار إيقاف التمويل حينما يقول بأن الخطوة التي من المفترض أن تفعلها مصر لو واصلت اثيوبيا بناء السد هي اللجوء الى مجلس الامن والامم المتحدة وتقديم شكوى الى محكمة العدل الدولية.
> يعني اللجوء الى الإرادة الامريكية.. ويعني هذا أن حكاية الاتحاد الأوروبي والصين وروسيا وإيطاليا والبنك الدولي لا معنى لها. ومجلس الأمن ومحكمة العدل لن ينظران الى شكوى دون أن ترفق معها نتائج دراسات فنية معتمدة تثبت تأثير حصة مصر في مياه النيل من تشييد سد النهضة بمواصفاته الحالية.
> إذن.. لماذا الاحتفاء والفرح بقرار ليس دولياً وقرار يأتي بعد التوقيع الثلاثي على وثيقة السد في الخرطوم؟
> إنها ليست اللاءات الثلاث وإنما وثيقة مبادئ مشروع سد للاستفادة من المياه وليس استهلاكها. وافضل لمصر أن تقصر الطريق وتذهب مباشرة الى مجلس الامن لو تأكد لها فعلاً التأثير على حصتها من مياه النيل بعد قيام السد. ولا داعٍ لإضاعة الوقت بقرار تافه وليس دولياً يصدر من جهات لا ارادة لها في التأثير على مجريات الاحداث في الساحة الدولية. نعم.. شروط تمويل المشروعات المائية ألا يؤثر المشروع على أية دولة أخرى من دول حوض النيل. لكن كيف ثبت لمصر تأثير سد النهضة على حصتها المائية؟؟.. طبعاً ما يفيض عن حصتها لا يدخل ضمن هذه الشروط إذا تأثر.
> يبدو أن مصر في عهد حكمها المرتبك هذا ستظل تدور وتلف حول حقيقة الأمر.. لكي يثبت من يحكمها الآن إنه حريص على تحقيق (المطامع) المصرية.
غداً نلتقي بإذن الله…