قبل أن أفصل اقتراحي الذي يمكن أن يجلب للسودان مئات المليارات من العملات الحرة بأن تكون ولاية البحر الاحمر بكاملها منطقة حرة والاستفادة من ميزة السودان التفضيلية، أذكّر الناس بأن الجزيرة العربية وأفريقيا كانتا ملتصقتان قبل أربعين مليون سنة كما يقول الجيولوجيون في العصر الآيوسيني ثم قبل مليوني سنة ونصف بدأت الجزيرة العربية في الابتعاد قليلاً أكثر.. وقد أدى ذلك الى أن أصبح للسودان وموانئه فيما بعد ميزة تجارية كبرى في موانئ عيذاب وباضع، ثم سواكن مؤخراً خاصة بعد فتح قناة السويس وقبلها في عصر السلطنة الزرقاء كانت تجارتها مزدهرة مع من حولها، كانت موانئ السودان تحمل السلع والبضائع إلى الجزيرة العربية التي كانت صحاري قاحلة والى شمال أفريقيا كما كان السودان ملتقى طرق تجارية شمالاً وغرباً وجنوباً خاصة في منطقة القرن الأفريقي.
اليوم يمكن للسودان أن يستعيد هذه الميزة التفضيلية إذا أمعنا الخيال وحققنا الإرادة فالسودان بلد غني جداً بموارده وثرواته المتنوعة التي لا توجد في كثير من الدول التي قفزت اقتصادياتها إلى مقدمة اقتصاديات العالم مثل اليابان.. إن كثيراً من الدول الأفريقية المغلقة في شرق ووسط وغرب أفريقيا يمكن أن يكون السودان فيها أفضل مركز تجاري
ومالي (أفضل دكان ناصية) إذا جعلنا من ولاية البحر الأحمر منطقة حرة تتنوع فيها الاستثمارات والصناعات والنقل والتخزين والتجارة والمصارف والبنوك، بل المناطق السكنية الراقية والسياحة لكل الراغبين والمستثمرين في العالم كما يمكن أن يكون مطار بورتسودان من أفضل المواقع للربط الجوي العالمي والإقليمي.. لقد حاولنا منذ الاستقلال أن تكون الزراعة هي القاطرة التي تجر الاقتصاد السوداني ولكن للأسف فشلنا في ذلك ولم تنجح النفرة ولا النهضة الزراعية ولا كل السياسات الزراعية، بل انهارت المشاريع الزراعية الكبرى كما لم تنهض الصناعة ولا أتوقع في القريب العاجل أن ينهض هذين القطاعين الحيويين فلنجرب قطاع التجارة والقطاع المالي مع العالم الخارجي فلدينا ميزة تفضيلية في هذه البقعة مع العالم وأنا متأكد من حدوث ذلك خاصة إذا حسنا علاقاتنا مع العالم الذي تهمه المصالح الاقتصادية في المقام الأول.. هناك أموال ضخمة هائمة في العالم خاصة في ظل التوترات والصراعات فإذا استطعنا أن نجذبها ونهيئ لها الموقع المناسب والمستقر فسيستفيدوا ويفيدوا اقتصادنا وسيوفر ذلك فرص عمل كبرى للسودانيين، بل ستكون المنطقة الحرة مثل دبي ومثل كل المناطق الحرة في العالم أكثر جذباً للاستثمارات خاصة إذا دعمناها بمنطقة حرة في الجنينة لتخدم غرب أفريقيا وفي كوستي لتخدم التجارة مع الجنوب.. إذا اقتنع الرئيس بهذه الفكرة ونجحت فإني أبيعها له بعشرة مليون دولار ويمكن أن أقبل بما دون ذلك دعما لوطني ولاقتصاده المزدهر إن شاء الله بسبب هذه الفكرة التي اعتبرها عبقرية وسحرية لاقتصاد سوداني قوي ذلك أن ولاية البحر الأحمر هي أكبر من دولة إريتريا(ما يقارب من مائة وثلاثين ألف كيلومتر مربع) وهي أضعاف أضعاف سويسرا التي تقدر مساحتها بواحد وأربعين كيلو متر مربع، وطول ساحل البحر الأحمر أكثر من ثمانمائة كيلو متر. وسويسرا لا يجد بها إسناد من الموارد الطبيعية والثروات مثل السودان فأهم ميزة فيها إنها من أكبر المراكز المالية في العالم يدعمهما حيادها في علاقاتها
الخارجية وصناعة الساعات والشيكولاتة.. أنا أعتقد جازماً وسأظل أبشر بفكرتي هذه حتى تتحقق وستتحقق بإذن للهوسيصبح بذلك السودان من أغنى الدول..