خلت الميزانية حسب تصريح وزير الدولة بالمالية أمس لإحدى الصحف عن رفع الدعم عن المحروقات والقمح والكهرباء، بخلاف ما جاء في صحف الخرطوم الصادرة الأسبوع الماضي في خبر منسوب لوزير المالية السيد “بدر الدين محمود”، عن مطالبته برفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والخبز، فلا ندري من هو الصاح وزير الدولة بالمالية الذي نفى رفع الدعم أم وزير المالية طالب برفع الدعم!! وقالت الأخبار أمس إن جهات سيادية مدها البرلمان بتسجيل تقرير وزير المالية حول أداء وخطة وزارته أمامه التي طالب فيها برفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والقمح، وطالبت اللجنة الاقتصادية في الحوار الوطني المشير “عمر البشير” رئيس الجمهورية بالتدخل ومنع تمرير قرار رفع الدعم.
الآن هناك تضارب في عملية رفع الدعم، فحديث وزير المالية في البرلمان حتى الآن لم تعرف حقيقته طالما جهات سيادية تطالب البرلمان بمدها بتقرير وزير المالية، ووزير الدولة بالمالية ينفي واللجنة الاقتصادية بالحوار الوطني تطالب رئيس الجمهورية بالتدخل.
إذن الحديث عن رفع الدعم هل هو محاولة لجس نبض الشارع العام وما سيترتب على ذلك إذا ما تم رفعه؟ أم أن الأمر حقيقة لكن أرجئ إلى وقت آخر يعلن عنه بالتدرج بعد أخذ رأي الخبراء الاقتصاديين والسياسيين والإعلاميين كما حدث في الفترة الماضية؟ فإذا ما اقتنع الجميع بقرار رفع الدعم يعقد مؤتمر صحفي، يتحدث فيه بعض قيادات الدولة ويبينوا مخاطر عدم رفع الدعم لأن البلاد ليست لها موارد مالية، وإذا لم يتم رفع الدعم ستحل كارثة على البلاد.. هذا هو السيناريو المتوقع حدوثه في الفترة القادمة، لأن أهلنا بيقولوا ما في دخان بدون نار، والدخان الآن هو حديث وزير المالية في البرلمان، وزيادة الدخان تأتي من وزير الدولة بالمالية بالنفي، ويتصاعد الدخان، فيتدخل سياسيون يطلبون من البرلمان مدهم بتقرير وزير المالية، وتزداد سحب الدخان من خلال كتابات الصحفيين، حتى إذا ما اشتعلت النار يصبح الأمر واقعاً، فيصدر القرار بعد أن تهيأ الرأي العام لعملية رفع الدعم.
وقد لاحظنا في خلال يومين أن بعض المخابز بدأت فيها الطوابير، لكن الخبز موجود بعد فترة انتظار ما كانت موجودة الأيام الماضية، وكلها إرهاصات عمليات رفع الدعم.. وكذا الحال بالنسبة للبنزين بعض المحطات لم يوجد بها بنزين، لذلك لم تكن فيها صفوف.. كلها مخاوف من عملية رفع الدعم سواء أكان في المحروقات أو الكهرباء أو الخبز، لكن نفي وزير الدولة بالمالية ربما يعيد الأوضاع لما قبل تقرير وزير المالية وأن الموازنة خالية من رفع الدعم عن المحروقات والكهرباء والقمح، فإذا كان الخبر المنشور فعلاً حقيقة ستزول المخاوف وتوجس المواطنين، لكن تظل تلك المخاوف موجودة إلى حين إعلان الحكومة عن الموازنة بصورة رسمية وهي خالية فعلاً من قرار رفع الدعم.