فضيلة الشيخ د عبد الحي يوسف
الأستاذ بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة الخرطوم
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
1-أحياناً أثناء الحديث مع بعضنا يتخلل حديثنا فلان كسول أو ما شابه بدافع المزاح ولو علم فلان قولنا أنه كسول لما غضب ..فهل هذه غيبة؟
2-إذا كان أحدنا منزعجاً من شخص معين فبدأ بشتمه وذمِّه مع نفسه ولم يسمعه إنسان وليس أمام الناس …هل هذه غيبة؟
3-إذا قلت بيت من الشعر يحوي قسم “والله، تالله” هل يسري على هذا القسم؟
4- قصيدة فضائل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها والتي فيها: “والله وبخ من أراد تنقصي إفكاً وسبّح نفسه في شأني” هل يجوز الاستماع إليها وترديدها؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد.
فالغيبة من كبائر الذنوب، وأسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعاً منها، وأن يسلِّمنا ويسلِّم الناس منا، وقد نهى عنها ربنا جل جلالـه بقوله {ولا يغتب بعضكم بعضا} ونبه على شناعتها بثلاثة أساليب:
أولها: تشبيه المغتاب بمن يأكل لحم إنسان
ثانيها: هذا الإنسان الميت أخ للمغتاب
ثالثها: هذا الإنسان المأكول لحمه ميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه
وكفى بذلك تشنيعاً وتبشيعا، وقد عرَّف النبي صلى الله عليه وسـلم الغيبة بأنها “ذكرك أخاك بما يكره” قالوا: يا رسول الله: فإن كان في أخي ما أقول؟ قال “إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهتَّه” وعليه فإذا كان الشخص المذكور لا يكره أن يوصف بأنه كسول فلا يعد ذلك غيبة، وإن كان الورع يقتضي ترك ذلك؛ لأنه ربما كره ولم يظهر لكم تلك الكراهة حرصاً على علاقته بكم.
وما أضمره الإنسان في نفسه من ذم الغير فإنه لا يؤاخذ به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسـلم “إن الله تعالى عفا لأمتي عما حدَّثت به نفسها ما لم تتكلم أو تفعل” مع ملاحظة وجوب إحسان الظن بالمسلم ما استطاع المرء إلى ذلك سبيلا.
والقسم الذي يكون في الشعر لا تترتب عليه أحكام؛ لقوله تعالى عن الشعراء {وأنهم يقولون ما لا يفعلون} وأما قصيدة أبي عمران موسى بن محمد بن عبد الله الواعظ الأندلسي رحمه الله تعالى في مدح أم المؤمنين رضي الله عنها فهي من عيون الشعر وقد حوت من المعاني العظيمة والعقيدة السليمة ما يجعلها حَرِيَّة بأن يحفظها كل مسلم ويرددها كل مؤمن، وليس فيها محظور شرعي، والله الموفق والمستعان.