هنادي الصديق : البيع والتجارة أيام الجمع (إذا)

* أمَرَ الله سبحانه وتعالى أن نترك نودي للصلاة.. والأمر موجه لنا كافة المسلمين باعتبار أننا نطيع أوامر الله و رسوله.. وأننا قادرون على تهيئة أنفسنا للذهاب إلى المسجد لأداء الصلاة كما ينبغي..!
* و( إذا نودي للصلاة) توقيتٌ لترك البيع والتجارة واضح لكل ذي بصر و بصيرة، فما بال كتائب منسوبي نظام الإنقاذ تتهجم على المحلات التجارية والمهنية مرَوِّعين أصحاب تلك المحلات وزبائنهم كل جمعة.!!
* هل يعلمون خبايا الأنفس أكثر مما يعلم الخالق الباسط؟
* لم يكن يوم الجمعة ذاك الأسبوع، يومَ سعْدٍ لـ(التوم) صاحب البقالة الكائنة في شارعنا.. مع أن أيام الجمع تسعده كثيراً.. فبعد الثانية عشرة ظهراً بقليل، داهم متجره رجال شداد غلاظ: “قفِّل.. قفِّل!”.. رجال يحرصون على زرع الخوف مجاناً في كل المحلات التجارية والمهنية قبل الساعة الثانية ظهراً، رجال يعملون تحت إمرة نظام يلغي العقل ويتجاوز الشريعة لتأكيد الشريعة.. ولا يعترف بالمنطق.. ولا يتقبل الواقع ويبالغ في تحدي الموجود فوق مقاصد الخالق.
يتقبل الواقع.. ويبالغ في تحدي الموجود.. فوق مقاصد خالق الوجود ولا يعتقدون أن هنالك مستحيلاً في الدين ولا في الدنيا.. طالما بيدهم (التمكين).. ليس تمكيناً لإقامة الصلاة.. ولا لإيتاء الزكاة.. وفي سيرتهم الذاتية يشكِّل الإعدام شنقاً حتى الموت لوحة بشعة للأمر بالمعروف..
* فكم مقتول باسم الدين.. وقتلاهم كثر.. ويا لسخرية الأقدار أن يكون الدولار محرماً لدرجة الإعدام وهم عَبَدَتُه.. فكم قتل الدولار شباباً في بدايات حكمهم، قبل ربع قرن ونيف من الزمان، أما الآن فقد امتلكوا ناصية الدولار.. والدولار لاعب أساسي في ملاعب الأسفار والترف والحج (الفاخر) كل عام، فالحج سوف يفسح الطريق إلى جنات الخلد.. وبعد العودة من الحج يغوصون في بِرك الفساد مرة أخرى، ومن ثم الإعداد للحج (الفاخر) كَرَّة أخرى لمسح ما علق من أدران، والله غفور رحيم.
* وأكثروا من تكميم الأفواه وصادروا العقول.. فصارت الفتوى (الشرعية) هي كل الدين وكل الدنيا.. فإذا أردت دخول بيتك عليك أن تستفتي عن أي
الرِجلين تُقدِّم للدخول، الرجل اليمنى أم اليسرى.. وإن شئت أن تأكل الطعام عليك أن تستفتي عن كيف تدخل يدك في قصعة الطعام (شرعياً).. وكيف تدخل الطعام إلى فمك وكيف تبتلع أو تزدرد الطعام (شرعياً)، وإذا مججت طعم الأكل عليك أن تستفتي عن ماذا بوسعك أن تفعل (شرعياً) هل تلفظ ما في فمك أم مكرهاً تبتلعه (شرعياً).. وعليك أن تستفتي علماء السلطان قبل أن تختلي بزوجتك (شرعياً)..
* الهواتف لا تتوقف عن الرنين في محطات الإذاعة وقنوات التلفاز.. زبائن كُثر يطلبون كلاماً من مفتٍ – أي كلام – والمفتي يرشدهم إلى السلوك القويم في الأكل والشرب والنكاح والطلاق- وما أكثر الأسئلة عن الطلاق.
* أَفلا تعقلون؟!”.. العقل في إجازة طويلة منذ أن يبلغ السوداني المسلم الحلم.. العقل خاضع لرؤية رهبان شريعة قوامها ( ذا أو الطوفان)، وعليك ألا تفكر إلا حين يجئ المفتي.. لا تفعل شيئاً إلا بعد استشارة سيدنا العارف بالله.. واترك البيع والتجارة الساعة الثانية عشرة بالضبط قبل!! أذان صلاة الجمعة.. لعلهم يرحموك..
الجريدة

Exit mobile version