منصور ولينا … يا لما تخبئه السطور 1-2

لا يحتاج جهد الزميلة لينا يعقوب المتواصل والدؤوب في إثراء الساحة الصحفية – كل مرة – بما يُخرجها، ليس من ركودها فحسب، بل من سباتها العميق وبياتها الشتوي السرمدي، لا يحتاج إلى ثناء ولا حتى إشارة مني، كونه مبذولاً ومتاحاً ومنشوراً ومنثوراً. كل ما أريد أن أفعله هنا، بخصوص (لينا)، أن أستعير – من أجل تقريظ جُهدها- الضغط على أيقونة (Like) الفيسبكية الشهيرة، ثم أدلف إلى بعض الملاحظات بشأن حوارها مع منصور خالد في حلقتيه، الأولى، والثانية على وجه الخصوص.
بطبيعة الحال، ما كان لي من بُدِّ، إلا وأن أتوقف عند جزئية تُماسِسني بشكل شخصي، كوني أمشي في مناكب الصحافة وألتقط من (رزقها)، وسأظل، حتى أنصرم عنها انصرام الخيط عن الإبرة، وإلى ذلك الحين، فإنَّ هَمَّ الصحافة وتطويرها سيبقى بالنسبة لي مثل أرقٍ يجتاح لحظة النوم العميقة فيبددها.
وهكذا أجدُني اختار – أتومكاتيكياً – ودونما تخطيط مسبق، أن أعلق على (مهابشات) منصور العابرة للصحافة؛ لجهة أنها وردت ضمن سياقات أخرى، لا نريد انتزاعها عنها حتى لا نهلكها وبالتالي نهلك ملاحظاتنا بصددها.
ملاحظات منصور حول الصحافة، اندرجت ضمن إجابته على سؤال (لينا)، حول علاقته بـ(ياسر عرمان)، والتي كانت: “صديق، هو رجل طامح، وأعتقد أن على الناس أن يأخذوه مأخذ جد”. ولعل منصور أخذ ياسر بجدية في معرض إجابته على سؤال لاحق متناسل عن سؤال (علاقته بعرمان)، حيث مضت محاورته قُدماً في محاولاتها – ربما – لانتزاع إجابة تصلح (مين شيت) في ما يخص الرجل المثير للجدل (عرمان)، لكن منصور أعاق تقدمها إذ رمى لها الكرة في ملعب الصحافة.
يقول منصور، في معرض إجابته على السؤال” هل كان ياسر بالفعل مؤمناً بفكرة السودان الموحد، أم كان يتأرجح بين مصالح مختلفة، كما تقول الحكومة؟”، يقول: ” هذا هو الهروب من تناول الواقع كما هو، والبحث عن أسباب أخرى، وهذه مشكلة الصحافة السودانية، بدلاً من أن تنظر إلى الحقائق الموجودة على الأرض، تبحث عن معاذير، لأنها لا تريد أن تقبل الحقائق”. واستطرد منصور في إجابات على أسئلة أخرى بأن الصحافة السودانية أثارت أموراً غريبة ضد عرمان وآخرين وضد أي شخص تختلف معه، واعتبر هذا منهجاً رديئاً معروفاً في الصحافة العربية دون الصحافة في إنجلترا مثلاً.
وعليه، فالأمر جدّي بالنسبة لي، ولزملائي في هذه المهنة بالتأكيد، لكنني للأسف ربما أخذلهم خذلاناً مبينًا، إذا قلت إنني أتفق تماماً مع ما ذهب إليه منصور خالد بشأن (صحافتنا)، لكنني أسفت كونه لم يأخذ رأيه هذا فيضعه ضمن سياق ثقافي عام ( تيار) يؤثر على السياسية والصحافة والمجتمع – ولعل الرجل لم يغفل عن ذلك – لكن السياق لم يمكنه من التفصيل، لأن الواقع أن ما سمَّاه منصور بالمنهج الرديء الذي تسير عليه الصحافة العربية (السودانية ضمناً)، بأن تبحث عن معاذير عوضاً عن الحقائق الموجودة على الأرض، هو ذات المنهج الذي يتبعه السياسيون والمثقفون وبشكل أكثر فظاظة وفظاعة، ربما يصل في أحايين كثيرة حدود الكذب وتزوير المعلومات، ثم تأتي الصحافة إلى ذات المأزق كونها تُدار (ضمنياً) بإيعاز من السياسيين وتمويل منهم.
* غدًا نعود لنقرأ ما بين السطور ونعلق.

Exit mobile version