عندما استعرت حرب الجنوب وزاد الطلب على الدفاع عنها بدأت الإنقاذ في تجنيد الشباب، بل كان هناك العديد منهم تطوعوا في صفوف قوات الدفاع الشعبي فترك البعض منهم كلياتهم، إن كانت كليات الطب أو الاقتصاد أو الآداب أو الشريعة والقانون أو أي كلية من الكليات بجامعات السودان المختلفة، فكانت الأسر تخشى على أبنائها الموت بأرض الجنوب عندما كانت ترد برقيات الوفاة عن استشهاد فلان الفلاني، وكانوا يبشرون بالجنة لأولئك المستشهدين.. الآن انتهت حرب الجنوب وكل دولة ذهبت إلى سبيلها وأصبحت دولتين منفصلتين كل واحدة لها شعبها، ولكن الآن أصبح استشهاد شبابنا بأراضٍ غير أرض الجنوب. وكان يقال الحرب كانت بين المسلمين والمسيحيين.. شبابنا اليوم وهم يفجرون أنفسهم مع (داعش) هل القتال في سوريا أو العراق بين المسلمين والمسيحيين، هل يغادر هؤلاء الشباب وطنهم ليحاربوا في المجهول، لو كان أولئك الشباب يقاتلون ضد إسرائيل كان يمكن أن يقبلها المنطق، ولكن حتى الآن لا ندري من أجل من يقاتلون ولماذا يقاتل أولئك الطلاب المميزون وينهون حياتهم بهذه الصورة التي لا يرضاها الله ولا الرسول، لماذا يقتلون أنفسهم ألم يكن المنطق والحجة هما السبيل بدلاً من قتل المسلم أخاه المسلم.
في كل يوم تنقل لنا شاشات الفضائيات عمليات الخراب والدمار والقتل للأبرياء من أبناء المسلمين، من الذي يتحمل وزر كل تلك الأعمال.
نشرت صحف الخرطوم الصادرة أمس تفجير أحد السودانيين نفسه بسيارة ملغومة في تجمع تابع للقوات الأجنبية في بلاد الشام.
الشاب السوداني لم يتجاوز عمر الثامنة عشر أي مازال في مراحله الأولى بالجامعة وهذه سن تكوين الشخصية فاستطاعت جهة ما أن تزين له عملية الجهاد والموت في سبيل ونعيم الآخرة والجنة إذا قتل أعداء الدين، وهذا الشاب وغيره من شبابنا الذين التحقوا بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، يعتقدون أن القتال والدفاع في سبيل الدين بهذه الطريقة أن يفجر نفسه في تجمع للأجانب، فلماذا أولئك الذين زينوا لشبابنا الموت بهذه الطريقة لماذا لم يتقدموا الصفوف هم ولماذا لم يفجروا أنفسهم تاركين عملية القتل والموت لأولئك الشباب بالعملية الانتحارية.
حتى الآن لم يعرف أحد ماذا يريد التنظيم الإسلامي (داعش) ألم يقرأوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهداية شخص واحد خير من حُمر النعم، ألم يسترجعوا التاريخ وكيف دخل سيدنا “عمر بن الخطاب” بيت المقدس، وكيف كانت معاملته لأولئك الأعداء. لماذا لم يحطم كنائسهم لماذا لم يرق دماء أولئك اليهود والنصارى كيف عمل على نظاة قبة الصخرة من أدران وأوساخ النصارى.
إن الدين الإسلامي يحثنا على المعاملة الحسنة ويحثنا على قبول الآخرين ودعوتهم لهذا الدين السمح باللين والمنطق والموعظة الحسنة، لماذا رفض رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة سيدنا جبريل عليه السلام عندما أراد أن يطبق على أهل الطائف الأخشبين.. لذا إذا كان التنظيم الإسلامي يريد لهذا الدين أن ينتشر عليه بالمعاملة الحسنة بدلاً من عمليات القتل والدمار التي نراها.