محمد عبد القادر : ملف الاقتصاد..(العقدة فى المنشار)!!

لماذا تتغير المعطيات الاقتصادية من حولنا بينما نُصِرُّ على التعامل بذات الحلول التى انتهجناها فى ظل ظروف مختلفة تماماً عن واقعنا الراهن؟
هل يعيش السودان خارج دور الحياة اليومية ويتمدد فى رقعة لا تنتمي لخريطة العالم حتى يستقي حلوله للأزمات من كتب التاريخ ويستلف النظريات القديمة فى التعاطي مع تحدياته الماثلة؟.
فى كل عام تظل الوصفة واحدة، تصر الحكومة على رفع الدعم، تتراجع أسعار السلع عالمياً لكنها تزيد فى مخيلة المسؤولين عن اقتصادنا الوطني، يظل الشعب فى حالة ترقب لخطابات وزير المالية أمام البرلمان فى نهاية كل عام، لأن ذات الأسطوانة المشروخة ستدور فى خواتيم السنة، عادة ما يطالب وزير المالية برفع الدعم وزيادة الأسعار بلا أيّ مبررات تستصحب تطورات معلومة فى المشهد الاقتصادي عالمياً أو فى المشهد السياسي الداخلي .
هل ضاع تحسُّن علاقاتنا الخارجية خاصة مع الخليج (فشوش)؟، ألايوجد انعكاس لتعافي المشهد الداخلي وتراجع الحروب فى جيوب دارفور والمنطقتين على الوضع الاقتصادي فى البلاد؟.
أنعم الله على السودان بتراجع كبير فى أسعار السلع التى كان يدعمها عالمياً وفى مقدمتها القمح والنفط، لماذا لم نوظف هذه الظروف لمصلحة اقتصادنا ونغادر عنق الزجاجة؟، وكيف أغفلنا كثيراً من التطورات السياسية الإيجابية ونحن نحدث الناس عن الندرة والانهيار الاقتصادي الوشيك ونتهمهم بالكسل وقلة الإنتاج؟.
لماذا يفشل طاقم الحكومة الاقتصادي ويكرر ذات السيناريوهات فى كل عام ويستنسخ ذات الأزمات ونفس الحلول غير آبه بالمتغيرات من حولنا.
هل يوجد دعم بالمعنى الواضح للوقود والقمح والكهرباء فى ظل التراجع الذى حدث فى أسعار النفط والقمح عالمياً؟.
لماذا لم يستفد السودان من الهامش أو الفائض الذى لازم الهبوط فى سعر النفط والقمح عالمياً وظل مُصرّاً على (قصة الدعم) رغم اختلاف الظروف والمعطيات؟.
أين الفائض الذى كان يدعم به وزير المالية فاتورة القمح والوقود ؟ لماذا لم يتحول الى رصيد فى مضمار التنمية ولم ينعكس عافية على جسد اقتصادنا المعتل على الدوام؟.
للأسف الشديد فشل طاقم الدولة الاقتصادي مرة أخرى فى امتحان مكشوف وسهل لاصلة له بالاسئلة التى كان يجيب عليها الاقتصاديون فى أوقات سابقة، الظروف التى يدير فيها بدر الدين ملف الاقتصاد أفضل بكثير من التى عمل فيها وزراء المالية منذ عهد سيد على زكي ومروراً بعبد الوهاب عثمان وعبد الرحيم حمدي والزبير احمد الحسن وعلى محمود، فلماذا يصر وزير المالية على ذات الحلول؟
لم تعد الحرب الآن بذات الضراوة، انتهت الميزانية المخصصة للمواجهات المسلحة فى جبهات عديدة، الانفراج الداخلي ربما أثر على الأوضاع الأمنية فلم تعد بذات التوتر والحساسية والصرف، أسعار القمح والبترول تراجعت عالمياً، فلماذا يعاني اقتصادنا هذه المضاعفات المميتة، ثم اين المليارات التى قال وزير المالية انه قد وفرها للخزينة العامة بعد ادخاله نظام التحصيل الالكتروني.
للأسف رغم النجاحات والاختراقات فى ملفات عديدة لكن يظل الاقتصاد هو المعضلة الحقيقية فى حراك الدولة نحو إدراك مراميها العليا، متى يعلم بدر الدين انه يلعب (الهواء) ويخسر الماتش، كما يقول الرياضيون، أين تكمن المشكلة ياترى؟.

Exit mobile version