كما الكثيرون غيري يفاجأني أن العام 2016 على الأبواب ، وأن الايام تركض وتسابق المجهول والأقدار المخبأة .، وككل عام جديد تتضارب المشاعر داخلنا بين الأمل والخوف من أن تنقضي الحياة دون أن نكون قد حققنا شيئا يتذكره الناس من بعدنا ، وتتزاحم الأماني بين العام والخاص ويتداخل الشخصي مع العام .
ولأننا كسودانيين نمتلك سمات خاصة ليست فقط بفعل الجينات الوراثية والصفات العامة للشعوب لكنها أيضا بفعل البيئة والاكتساب والتربية، فاذا قمنا باستطلاع عام عن أمنيات الأغلبية للعام الجديد فسنجدها غالبا ما ستكون الستر والصحة، لأننا تربينا على أنهما الأعز ، ورغم أنها تبدو أمنيات عادية وغير مثيرة للإهتمام من النظرة الأولى، إلا أن الستر كلمة كبيرة المعنى وشاملة ،..فالستر يعني المأوى ويعني لقمة عيش ، ويعني دخلا يكفي ذل الحاجة والسؤال، ،الستر هو أن لا يطرد ابنك من المدرسة بسبب عدم تمكنه من دفع الرسوم ، ويعني الا يطرق “الدَّيَّانة” باب بيتك مُنتصف الليل إمعانا في احراجك متقصدين اذلالك وفضحك بين الجيران! ، والستر هو أن تنطفأ الأنوار في بيتك آخر النهار والجميع بخير وهم يشعرون بالرضا والطمأنينة ..، فكم يا تُرى من الأسر السودانية يمكنها أن تكون قد حققت بند الستر؟! ، ناهيك عن الصحة ومطلباتها من غذاء سليم و بيئة نظيفة وعلاج مجاني وفي متناول الجميع، ناهيك عن أمراض مستعصية باتت تنهش في أجساد الناس دون رحمة ولا توجد اجابات مطمئنة حولها وحول تفشيها كالسرطان مثلا ، بل وان مجاراة تكاليف علاجها تبدو كأحلام عزيزة بعيدة المنال !!
الستر والصحة سادتي يا لها من أمنيات باتت تقلق الأغلبية ، في حين أنها أولى الأولويات ، فكيف نطالب مواطن أن يكون صالحا ، بل ونتجرأ بإدانته لاحقا ، دون حتى أن نكلف أنفسنا عناء السؤال وانتظار الأجوبة التي قد لا ترضينا فكل يسن قوانين الفضيلة من وجهة نظره ببغائية لا يُعمل فيها الفكر ولا يغلفها الحس الانساني ومحاولة وضع انفسنا في مكان الآخرين ولو لحين.
الشعب السوداني الصبور يستحق أن ينعم بالستر والصحة ، وأن تحقق أبسط احتياجاته ، أن ينعم مواطنه بالأمان، وأن يذهب الغلاء للجحيم، فلماذا لا يعيش السوداني سعيدا مستقرا هانئا آمنا في بلده؟، ولماذا يكبت الحسرة والقهر في قلبه ويغالب همه ويكظم آهته؟، إلى متى يشكو حاله لطوب الأرض دون مجيب ؟!، وحتى متى يكبح الصرخة ويقدم تنازلات ويأكل الفتات بلا شبع ؟ !اللهم إرحم هذا الشعب وامنحه كل الستر وكامل الصحة وحقق أمنياته فهذا أقل ما يستحق.
بصمة:
يقول أحد دهاة العرب، ماغلبتنى إلا جارية، كانت تحمل طبقا مغطى فسألتها: ماذا يوجد فى الطبق؟؟ فقالت: ولم غطيناه إذاً!!؟..