عوض شكسبير: اول أجر لى صفعة من والدى على وجهى لأننى قمت بالتمثيل دون إذنه

الكوميديان الحقيقى هو من يستطيع أن يمزج بين الدراما والكوميديا في آن واحد دون ابتزال..فهو يبعث السعادة في الملايين مع ترك أثره في نفوسهم، فهو من يسخر منك ..برضاك والمتعة حاضرة.. هو ما عليه الفنان عوض شكسبير .. لم نترك زيارته للقاهرة تذهب دون استنطاقه.. حرصنا على مقابلته .. فكان هذا الحوار الشيّق..

أستاذي هو من لقّبني بشكسبير

-حدثنا عن نشأتك.. كيف كانت البدايات.. المسيرة الفنية.. ومن أين جاءك لقب شكسبير ؟\

طيب.. أنا إسمي عوض حسين الإمام مواليد أم درمان عام 1971درست التمثيل في قصر الشباب والأطفال، وهي مؤسسة كورية قديمة أنشأت في سبعينيات القرن الماضى في السودان، تخصصت في قسم الدراما وحصلت منها على دبلوم بالإضافة للعديد من كورسات المسرح – المسرح في منطقة الصراع – في ألمانيا بالإضافة إلى إنني كاتب ومخرج ولديّ العديد من الأفلام والمسلسلات التي شاركت فيها.. كما تواجدت مع زملائي بالمهرجانات المحلية والدولية مثل مهرجان”أيام البقع المسرحية ” في السودان منذ عام 1999 إلى عام 2014 ، وتُوجت بعدد من الجوائز.. في أقسام التمثيل والتأليف والإخراج كما شاركت في مهرجانات في أمريكا وألمانيا وكولالمبور وسنغافورة وغيرهم ، فأنا كنت أمثل في المدرسة والشارع والبيت، وكل مكان لكن بدايتي الاحترافية الحقيقة كانت من بوابة قصر الشباب والأطفال..
فيما يتعلّق بأسم شكسبير الذي أُشتهرت به حالياً.. أحد أساتذتي في الدراما هذا الإسم نظرا لإننى أحببيت أن يكون مشروع تخرجي على مسرحية لويليام شكسبير اسمها (حلم منتصف الصيف).

أهلي كانوا الداعم الأول

-هل واجهت أي اعترضات من العائلة في اتجاهك للتمثيل أو انتقادات من جانب الأقارب ؟

أبداً .. على الإطلاق.. قد نشأت في أسرة تحب الضحك والفكاهة والتقليد.. الكوميديا ليست بجديدة على العائلة أو دخيلة عليها..ومثلى وأي شاب في مقتبل العمر إنحصر الاعتراض من تأثير الدراما والمسرح على التحصيل الإكاديمي، حيث كانت بدايتي في المدرسة والشوارع ومسارح الدولة، الأجواء العامة هي التشجيع من إيمانهم الكبير بموهبتي.

حلمت بالفن منذ نعومة أظافري

-كثيراً ما تغير الأيام أحلام الصغر.. ، فهل كان حلمك خلافاً للفن والدراما؟..

لا ، فالتمثيل حلم الصغر ..تمنيت أن أصبح ممثلاً منذ نعومة أظافري.. ومع الوقت بدأ الحلم يتحقق… التمثيل أعظم مهنة في الدنيا.. هي مهنة تمس الروح .. وقوامها الإبداع..

-برعت بالكوميديا أكثر ..وبت من نجوم الصف الأول في السودان بهذا المجال .. كيف جاء اختيارك لها ؟

الكوميديا هي تحويل مآسي الحياة وضغوطاتها لجملة ساخرة .. تصل لدرجة جعل الاخر يسخر من نفسه وهو راضي.. تحبيذي لهذا الجانب من الفن جاء من كونه أقرب في الوصول لقلوب الناس فنحاول إخراجه من بئر أحزانه..
اذا انزلق أحدهم بسبب قشرة موز .. قد يكون الموقف محرجاً ويسبب له الحزن لكن بالسخرية منه يصبح أجمل ويرسل للآخر رسالة الإحتراس من عدم الانزلاق بالموز..
بالنسبة للألوان الأخرى فأنا في الأول والأخير ممثل وهذه مهنتي التي إحترفها منذ الصغر؛ فيمكنني تمثيل أي لون من الألوان إذا اتيحت لي الفرصة المناسبة التي ترضيني وتبرز موهبتي كما حدث مع الكوميديا.

توجهت للإنترنت .. لأن الجمهور بات هناك

-مشروع أعمالك على الإنترنت، لم السوشيال ميديا ؟!.. وهل إثر ذلك على تواجدك في التلفزيون السوداني ؟

اتجاهي للإنترنت يرجع لطبيعة هذه الفتره التي أضحى فيها الإنترنت الشاغل الأول والأخير لكل الناس، فبالتالي من السهل للمشاهد متابعتي على اليوتيوب أو “فيسبوك” من خلال الهاتف.. الفكرة هي الحرص على الوصول لكل مشاهد في كل مكان .

كما لم يؤثر الإنترنت على ظهوري بشاشة التلفزيون إطلاقاً.. حاضر ببرنامج و”اتس اب” في قناه “النيل الأزرق” و”الشروق”، وغيرها من القنوات..

-تميزت في فن “الإستاند اب” كوميدي على زملائك، فكيف بدأته ؟!..

“الإستاند اب” فن قديم جدا في العالم ، وهو يعتمد على ممثل يحكي موقف ما يعبر عن سلوك البشر بطريقة مضحكة ، واتصور أن هذا الفن في السودان قديم جدا عندما كانت الجده (الحبوبة كما نسميها ) تحكىيلأحفادها القصص فكان تقلد الشيطان والعفريت والجان والعروس فتؤثر على الأطفال وتبهرهم ، أما أنا فبدأته في عام 2000 بالشكل الرسمي المتعارف عليه عالميا عبر برنامج “شكسبير شو ” على قناه “هارموني” ثم في “النيل الأزرق” إلى أن تبنته شركة “MTN ” للاتصالات، وبدأت في تسويقه للقنوات السودانية وأصبح له معجبينه ومحبيه .

السياسة تفسد الفن

-كيف ترى واقع الفن السوداني عموما والسنيمائي بالأخص ؟ وما هى مشكلات الفن برأيك ؟

الفن السوداني في تطور دائم ولكن تغيب عنه السينما دائما بسبب عدم وجود إنتاج حكومي ضخم وأن وجد فهو اجتهاد ذاتي من ذوي الأموال للإنتاج فيواجه صعوبات رقابية عديدة ،فأهم مشكلات الفن عموما هي السياسة وإحجام الجهات المسؤولة عن الاهتمام بالفنون وتمويلها وتخصيص ميزانيات لها من الدولة .

فعلى الرغم من أن السودان دولة الفنون الإ أن هناك جهات سيادية وظيفتها وقف الفنون وهذا أرجعه في رأيي الشخصي إلى خوف الحكومة من دور الفن في توعيه الناس ، فهى لاتريد شعب واعي يراقبها فيقتصر اهتمامها على الكورة وأي مواضيع فارغة لإلهاء الناس ،فكان لي مسرحية اسمها (النظام يريد) استمر عرضها لمدة 3 سنوات على أكبر مسارح السودان فكانت توعى الناس بالخطر المحدق بهم في السودان عموما والوطن العربى ولكننى واجهت صعوبات كثيرة في عرضها ،ولكن على الرغم من هذه العقبات السياسية الإ أن الفنانين الحقيقيين لم ينتظروا من الدولة أي دعم و بدأوا في العمل بمجهودات شخصية ولم يقتصر التصوير داخل السودان فقط ولكن صورنا في أوروبا وأمريكا .

-هل واجهت أي مشاكل شخصية أو نقد من بعض الشخصيات التي تقلدها ؟

انا لم أواجه أي مشاكل فأنا ناجح جدا داخل وخارج السودان والناس يحبونني ولم أواجه أي انتقادات من أشخاص أو حكومات على أعمالي، أما عن تقليد الشخصيات فهناك شخصيات أمنية صعب تقليدها ولكنني أقلد الشخصيات العامة كلها فعندما قلدت مثلا مذيعات التلفزيون السوداني بأنهم اغبياء و كل واحدة منهن ظنت أنني أتحدث عنها ولكنني لم أخص أحد ، فمن يجد في نفسة الغباء فهو المقصود .

-ماهي أفكارك لحل مشكلات الفن في السودان وخلق نوع من السياحة الفنية ؟

غياب الديمقراطية وعدم وجود نظام عادل هو سبب رئيسي للمشكلة، فأول شئ قام به “الانقلاب العسكري” هو إعتقال الفنانين لإخماد الفنون التي عمرها 5000 عام ، فأنا أرى أن الحل الأمثل هو تغير النظام الحالي لا أعنى تغير النظام السياسي فقط ولكن تغير سلوكيات الدولة عموما وأخلاقيات الشعب في تقديرها للفنون ، أما عن عن السياحة الفنية فنحن لانملك سياحة من أي نوع كان ، ولكن الاهتمام الأول والأخير من الدولة يجب أن يكون بالزراعة وهى المصدر الرئيسي للدخل القومي، أما عن السياحة الفنية يجب أن نهتم بالفنون أولا ومن ثم المهرجانات الفنية واستثمار الصوت والضوء والصورة على الوجه الأمثل لهم .

-الانفتاح الثقافي في الفن انتشر بكثرة في الفترة الأخيرة ، هل ترى الفنان السوداني منفتح ثقافيا أم منغلق على ثقافته لا يتبادلها مع الأخرين وبالأخص “اللهجة السودانية” ؟

الفنان السوداني منفتح ثقافيا جدا ويسعى للتبادل مع الآخر ، فأنا شاركت في مسلسل سوداني مصري اسمه (أمير الشرق) منذ 4 سنوات ولكن المشكلة في التبادل مع مصر أنها تريد ان تجعل الوطن العربى كله يتحدث باللهجة المصرية، فمصر غزت الوطن العربى في الستينات والسبعينات بأفلامها وتأثر كل الوطن العربي باللهجة المصرية التي هى بعيدة كل البعد عن اللغة العرببة الأصلية التي نتحدث بها نحن السودانين، أما اللهجة المصرية فهي لغة فرعونية محرفة تؤدى لنطق ليس له علاقة باللغة العربية فنحن نؤيد الانفتاح مع تمسكنا بلغتنا العربية .

-مارأيك في كوميديا الشباب السوداني وهل تراهم مؤثرون على الفن السوداني ؟

هناك العديد من التجارب الجيدة ولكن ينقصها التدريب والتأهيل للفنانين الجُدد ولكن لاتوجد كورسات متخصصة لتعليم الكوميديا، فهي فن يجب التأهل له بعمق فالتأثير على مشاعر الأخر يحتاج دائما لتدريب فهو ليس باليسير ، ولكنني أعيب على بعض الشباب اتخاذ فكره إلقاء النكات فهى ليست فن كوميدى إنما هي مجرد موروث شعبي لإضحاك الأخرين، يجب عليهم عرض الكوميديا بالصورة السليمة لها وهى في سياق الدراما مثل “ستاند اب” كوميدى ومسلسلات كوميدية وسكتش سوداني نعم هم مؤثرون جدا أصبحوا مشهورين رغم الصعاب التى يواجهوها .

-ما أحب أعمالك اليك ؟

انا احب كل أعمالى جدا ولكن برنامج “واتس اب ” له معزة خاصة عندى لاننى املك فيه مساحة واسعة لعرض فنى وايضا احب دورى في مسرحية “النظام يريد” لاننى قمت بدور سمسار سيئ السمعة يبيع الشعب كله لمصلحته فكان دور معبر جدا ومحوري.

-ماهو أول أجر تقاضيته من عمل الفنى ؟

اول أجر لى كانت صفعة من والدى على وجهى لأننى قمت بالتمثيل دون إذنه ، أما أول أجر مادى تقاضيته كان مبلغ زهيد لا أتذكره ولكننى رضيت به من اجل أن أعرض موهبتى وحبى للفن .

-لكل إنسان مثل أعلى تأثر به وسعى ان يحتذي به ، فمن هو مثل عوض شكسبير الأعلى في الفن ؟ ومن يثير أعجابك من الكوميديانات ؟

مثلى الأعلى هي ” أمى ” فهى كانت إمرأه ظريفة ولطيفة ، كانت تحكى لى القصص بطريقة ممتعة فهى لها التأثير الأساسى على شخصيتى ، أما من أستاذتى .. رشيد احمد عيسى فهو أول من بدأت أقلده وأسير على خطاه .
يعجبنى الكثير من الممثلين في الساحة اتأثر بهم ويتأثرون بي على سبيل المثال الفنان محمد عبد الرحيم قرنى (ابو الهول الفن ) فهو جبار وانيق وايضا الأستاذ أمير عبدالله وتعجبنى أيضا الفنانة مرفيت الزبير والعديد والعديد من الفنانين الموهبين المقهورين بسبب قمع الفن كما ذكرت .

-الفن والسياسة في وقتنا هذا اصبحا متلازمين ولكل فنان رأى سياسيى ، فما هى ارائك السياسية ؟

مثلى مثل اى فنان لى رأى سياسى وأيدولوجى فأنا ضد كل أنواع الظُلم والقهر وقمع الحريات من قِبل الحكومات سواء في السودان او خارجه ، فأنا ضد القهر بكل أنواعه من قهر للأطفال وللنساء والأفكار وحرية الأبداع ، فالإرهاب قهر ، والجوع قهر ، أنا ضد أي فكر متطرف يروع الأمنين .

-سمعنا انك في مصر لعمل جديد ،فما هو وماهى مشاريعك الفنية القادمة ؟

لدي عمل جديد سأصور برنامج جديد في القاهرة إسمه “صورة سيلفيى ” مع صديقى المخرج المصري وائل عبدالقادر وهذا نظرا لتطور المصريين في الفترة الأخيرة بمجال الميديا فقررت أن أصور برنامجى لرمضان بالقاهرة .
وبالنسبة لمشاريعى القادمة في السودان فأنا اجهز لمسرحية في “الدراما” من فصل واحد للكاتب الأستاذ محمد رفع الله

-هل تحب اضافة كلمة اخيرة ؟

احب أن أشكركم أولا على إهتمامك ثم أشكر ألجالية السودانية بالقاهرة فهى من اعظم الجاليات التى قابلتها في حياتى فهم منظمون يعملون في مجموعات متعاونة وجدت ترحيب كبير منهم فهم خير سفير للسودان في الشكل الشعبى والمسؤولين أيضا يقومون بالتنظيم والتنسيق بشكل جيد .

أجرى الحوار ـ منة الأمين / تصوير ـ أسامة إبراهيم
صوت الجالية السودانية بالقاهرة

Exit mobile version