> ترى هل سر بقاء الحكومة هذي ذات المراحل الأربع لأكثر من ربع قرن من الزمان هو عدم وجود صورة محددة لهويتها السياسية يراها خصومها بمختلف مستوياتهم ونظراتهم ورؤاهم؟
> ولنبدأ بالوزارات … «التجارة» تصادق على استيراد خمسة آلاف سيارة مستعملة.. وتخالف بذلك قرار مجلس الوزراء الذي تسبب في ارتفاع اسعار السيارات بصورة جنونية.
> ووزير التجارة بدلاً من أن يلغي القرار الذي صدر قبل توليه المنصب، وجه بأن يعالج الأمر بعيداً عن وزارته.
> وهذا غريب طبعاً.. وإذا كانت عملية استيراد هذا العدد من السيارات قد ذهبت الى مرحلة متقدمة فيمكن أن تعتبرها الوزارة آخر عملية استيراد لسيارات مستعملة.
> فربما بهذا الخبر تتأثر اسعار السيارات المستعملة .. فتنخفض في «الدلالات».. مثلما ارتفعت حينما رشح في الاخبار قبل اربع سنوات تقريباً حظر استيرادها.
> إذن ليس في استيرادها «الاستثنائي» هذا الضرر فقط الذي رأته الحكومة ثم اصدرت قرار حظر استيرادها.
> ففيه أيضاً منفعة للقوة الشرائية في سوق السيارات المستعملة. ولك ان تتخيل دخول هذا العدد من السيارات المستعملة في السوق.
> وخمسة آلاف سيارة تستثنى من قرار حظر استيراد السيارات المستعملة، في وقت يشمل قرار الحظر حتى الجرارات «التراكترات» المستفاد منها في الزراعة والصناعة.
> ووزير المالية والاقتصاد الوطني يصف المواطنين بالمستهلكين وغير المنتجين.. في حين يشمل قرار الحظر استيراد الجرارات بحالة جيدة الى دولة فقيرة مثل السودان.
> خمسة آلاف سيارة مستعملة إذا دخلت في البلاد استثناءً ماذا سيكون ضرر استيرادها؟ وها هي الدولة تسمح باستيراد بضائع ليست ضرورية، وضررها الأكبر هو اهدار العملة الصعبة لتنخفض امامها في السوق الموازي قيمة العملة الوطنية. فهل مثلاً استيراد السيارات المستعملة اضر بالبلاد من استيراد الفاكهة والشوكلاتة وبعض الملابس التافهة التي تتخذ «موضة» قبيحة في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية؟ وكذلك استيراد المتنوعات الأخرى «البضاعة الهامشية» مثل لعب الاطفال التي هي انتاج بلاستيكي في أغلبها.
> وقبل ثلاثين عاماً المسؤول في وزارة التجارة تتملكه الغيرة على مصلحة الوطن ويرفض طلب تصديق لاستيراد معدات للعبة كرة القدم التي اصبحت مورداً ماليا للدولة. ويقول لمقدم الطلب: «الناس جعانين ان شاء الله ما لعبوا».
> والآن الأطفال جوعى والدولار بدلاً من ان يستفاد من توفره في مدخلات الانتاج الحيواني والزراعي والصناعي.. يذهب بعيداً الى استيراد المتنوعات الهامشية.
> ويكون عنوان الرواية هنا هو «ألعاب الطفل الجائع».. الجائع لمدة ثلاثين عاماً.. منذ أن رفض المسؤول في وزارة التجارة آنذاك التصديق باستيراد معدات اللعب.
> استيراد كل السيارات بانواعها المختلفة يبقى ضرره ان وجد اقل من ضرر استيراد المتنوعات الهامشية التي تهتم باستيرادها الدول ذات الرفاهية إذا لم تنتجها.
> الخرطوم دائماً في أزمة مواصلات وتنقل، ومزيد من استيراد السيارات الملاكي يعني التخفيف المطلوب من هذه الأزمة.
> خمسة آلاف سيارة يبدو أن وزير التجارة السيد صلاح محمد الحسن لا يريد أن تعيد معه قصة وزير التجارة والتعاون والتموين الأسبق الدكتور محمد يوسف أبو حريرة «رحمه الله».
> وأبو حريرة كان ضمن مجموعة الحزب الاتحادي الديمقراطي في حكومة السيد الصادق المهدي.
> ووقتها كان وزير التجارة الحالي.. وهو أيضاً ينتمي الى هذا الحزب.. ملحقاً تجارياً في سفارة السودان بمصر.
> أبو حريرة بدأ إجراءات اصلاحية كانت كافية لإبعاده عن المنصب.. فقد قال الصادق المهدي الذي ابعده «ابو حريرة شم شطة في الجو وعطس».
> إنها شطة الفساد الحزبي في النظام الديمقراطي.
> الآن ليطمئن الوزير السيد صلاح قارئ القرآن في المسجد بعد كل صلاة فجر.. يطمئن ويتوكل على الله ويتدخل في الأمر بما يريد.
> فديمقراطية البشير قد تكون أفضل من ديمقراطية الصادق التي اهانت أبو حريرة .
غداً نلتقي بإذن الله.