بالصورة: صفاء.. طفلة سودانية تلد طفلة

لم تكن الطفلة صفاء بأعوامها الأحد عشر تدرك شيئاً عن الزواج والأمومة، لكنّها وجدت نفسها أمّاً لطفلة أخرى بدورها. هي قصة واحدة تعكس القوانين التي لا تمانع زواج القاصرات في السودان، حتى في عمر العاشرة. وتمثل أحد أشكال العنف بحق المرأة الذي تناهضه اليوم مجموعات عديدة.

لا تقتصر مناهضة العنف على النوع الجسدي، بل اللفظي والاجتماعي أيضاً في محاولة لإعادة صياغة وضع المرأة في المجتمع السوداني الذي ينظر إليها كـ”ستّ بيت” حصراً، ويرفض إخراجها من هذا الإطار. كذلك، تبرز القوانين التمييزية ومنها المادة 152 التي تحدد زي المرأة.

وكانت أجهزة حكومية وأخرى مدنية أطلقت سلسلة حملات، بعضها في إطار نشاطات الـ”16 يوماً” التي أعلنت عنها الأمم المتحدة بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة في الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

من جهتها، أطلقت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة والطفل (حكومية) حملة “القضاء على زواج الطفلات”. وحددت آلياتها، وفقاً لمدير وحدة المكافحة عطيات مصطفى، في التوعية والتدريب، فضلاً عن الجولات الميدانية خصوصاً في الريف السوداني، وذلك بهدف إرساء دعائم الحملة التي تستهدف إنهاء زواج القاصرات عبر تعزيز تعليم الإناث.

وتعتبر الباحثة الاجتماعية، إيثار عبد الله، أنّ مشكلة زواج القاصرات من المشكلات الحقيقية التي تؤرق المجتمع، والتي تؤدي إلى إفرازات سلبية، من بينها التفتت الأسري. وتؤكد أنها وفقاً لإحصاءات غير رسمية، تمثل 36 في المائة من كافة الزيجات، وهو ما يتطلب برأيها دق جرس الإنذار، لا سيما أنّ الظاهرة بدأت تتمدّد إلى المدن، حيث يتم تزويج الفتيات ما دون سن 12 عاماً.

بدورها، تقول صفاء (20 عاماً)، إنّها أُخرجت من المدرسة الابتدائية، وزُوجت عندما كانت في الحادية عشرة من عمرها. كانت طفلة لا تدرك معنى الزواج. وتفاقمت أزمتها مع ولادتها الأولى في عام زواجها الأول. تعلّق: “طفلة تلد طفلة. وقتها لم أعِ معنى الأمومة، وكانت والدتي تهتم بطفلتي وترضعها معي حتى اشتد عودها”. تؤكد أنّ المأساة الأكبر كانت بعد إنجابها ثلاث إناث، فقد قرّر زوجها أن ينفصل عنها “بحجة أنّه لم يعد يحتمل طفولتي”.

أما مروة (15 عاماً)، فتقول إنّها تزوجت بسن صغيرة، ومات زوجها بعدما وضعت طفلتها. وحتى الآن لا يمكنها استغلال التركة التي تركها لها زوجها، وعُيّن لها وصي باعتبارها قاصراً لم تصل بعد إلى الثامنة عشرة من عمرها، وهو سنّ الرشد بحسب القانون السوداني.

من جانبهن، أطلقت مائة ناشطة شابة هاشتاغ “اعرفي حقك” على موقعي “فيسبوك” و”تويتر”، لمناهضة عمليات التحرش التي تتعرض لها الفتيات في المواصلات العامة والطرقات وأماكن العمل. وقد تجاوزت الإدراجات والتغريدات عليه الآلاف في غضون أيام قليلة، ما أدى إلى تطوير الفكرة من خلال حملة ميدانية.

تأتي الخطوة على خلفية اغتصاب فتاة تربطها علاقة ببعض الناشطات. فضّلت السكوت خوفاً من وصمة العار التي سيلصقها المجتمع بها، وهو ما دفع المجموعة إلى إطلاق الحملة.

وعن ذلك، تقول إحدى مؤسسات المجموعة إجلال الفضلابي: “المبادرة تتولى قيادتها مجموعة من الفتيات تعرضن للتحرش بشكل أو بآخر، ولدى اعتراضهن يعنّفهنّ المجتمع الذي ينظر إلى المرأة نظرة دونية”. وتشير الفضلابي إلى فعاليات قامت بها الحملة، منها محاضرات في الهواء الطلق في مواقف المواصلات. كما ينوين طباعة ملصقات لتوزع على الطرقات العامة والمواصلات، ما يعزز حق النساء في كشف التحرش ومناهضته وعدم السكوت عنه. كما تؤكد أنّ الخطوة تواجه هجمة مضادة من منتقدين يعتبرون أنّ المرأة هي من تجلب التحرش لنفسها بالنظر إلى ما ترتديه من أزياء قد تكون مثيرة أو غير محتشمة.

على صعيد متصل، أطلقت المنظمة السودانية للحدّ من آثار العنف مبادرة قانونية في مواجهة العنف القانوني ضد النساء. وهو الذي يتمثل في قانون الأحوال الشخصية الذي أقرّ زواج القاصرات، وتحاشى تحديد سن معينة لزواج الفتيات، كما أعطى الحق لولي الأمر بتزويج الفتاة في سن العاشرة.

تقول المسؤولة في المنظمة آمال الزين، لـ”العربي الجديد”، إنّ المنظمة تقدم المساعدة القانونية للنساء المعنّفات مجاناً عبر ثلاثة مكاتب محاماة على مستوى الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان. وتشير إلى أنّ المنظمة ترافعت حتى اليوم في 700 دعوى تتصل بقانون الأحوال الشخصية، منها قضايا ذات نتاج طبيعي لزواج القاصرات.

العربي الجديد

Exit mobile version