جاء في خبر على صفحات الانترنت من موريتانيا ان معالجاً بلدياً يعالج بالتراتيل والتعاويذ قد حبس شابا مصابا بفصام الشخصية (shzophrenia) لمدة شهر حرمه خلاله من الطعام والشراب بحجة ان هنالك شيطانا يسكن في جسده ولا بد من تجويعه ليخرج منه لكن للاسف مات الشاب من الجوع والجفاف واودع هذا المعالج الأفاك السجن عندما ابلغ عنه أهل الشاب المتوفي.
مرض الفصام أو (الشيزوفرينيا) مرض نفسي معروف لدى الأطباء سببه إختلال في كيمائيات المخ وله علاجات بالأدوية والعقاقير التى أكتشفت حديثاً وهي فعالة جداً في إبقاء المريض بحالة صحية عادية طالما انه يداوم على استعمال الدواء فهو مرض وراثي مزمن لا يمكن الشفاء منه نهائياً لكن يمكن جداً التحكم فيه بفضل هذه العقاقير الحديثة – إذن ليس هنالك أي شيطان يسبب هذا المرض ولا أي مرض نفسي آخر فكل الأمراض التي تصيب الإنسان أسبابها معروفة ومفهومة ولها علاجات فعالة وليس للشيطان أي دور في تسبيب الأمراض بجسم الانسان وما يفعله المعالجون بطرق شتى لإخراج الشياطين من أجسامهم عبارة عن غسل مخ وتضليل وخداع ليستولوا على أموالهم بأساليبهم الخادعة منتهزين في ذلك جهل أغلب الناس.
وهؤلاء المعالجون يستغلون حساسية الدين عند أهل بلادنا البسطاء بأن ذكر الشيطان ورد بالقرآن فانه اذن يدخل الاجساد وهم القادرون على اخراجه وليس الاطباء وللأسف يصدقهم الكثيرين لأن أغلب الأمراض النفسية مزمنة وتستجيب للعلاج ببطئ ولا بد من المتابعة المنتظمة مع الأخصائي النفسي للتحكم فيها – والأمراض النفسية لها دورات تكون فيها حادة فتحتاج لزيادة جرعات العلاج لأقصى درجة وفي حالات أخرى تهبط وتزول حتى بدون علاج – وما يجعل أغلب الناس ينخدع ويصدق هؤلاء المعالجين الإنتهازيين بالترتيل منتظم الوتيرة فى بيئة هادئة مع إعماض العينين هو قدرة صوت المرتل المتهدج على التنويم المغنطيسي الذي يجعل الشخص يتفوه بكلمات وجمل غير مفهومة يظن الناس أنها لغة الشيطان – أيضاً البعض يدخل في غيبوبة أو يتشنج أو يأتي بافعال غريبة غير مألوفة فينسب البسطاء مفعول التنويم المغنطيسي وتأثيره هذا للشيطان وأنه في طريقه للخروج لذلك يجعل المصاب يتصرف بغرابة هكذا – أحياناً حتى المتفرجين أو الاقارب المتواجدين يناموا منغطيسياً بمتابعة تأثير تواتر هذه التراتيل فقد تصدر منهم أصوات وتصرفات غريبة أيضاً فيوهمهم المعالج أنهم هم ايضاً مسكونون وقد أخرج منهم الشياطين.
هنالك أيضاً المعالجون بالأعشاب أو زيت الحبة السوداء أو البخرات أو العروق فكلهم سواء في دجلهم وإستغلالهم لجهل الناس وحوجاتهم الملحة للشفاء من أمراض أغلبها وهمى أو مزمن – يجب أن نعرف أن الطب الحديث لم يترك عشبة على ظهر الارض وإلا قد إختبرها ليخرج ما بها من دواء بطريقة علمية مجربة ومختبرة في أحدث المعامل وبأحدث الأجهزة فتجارة الدواء الفعال تجر الملايين من الدولارات لشركات الأدوية وهنلك مزارع للأعشاب معروفة تبلغ آلاف الأفدنة في حقول تملكها شركات الأدوية العالمية فكيف يستقيم أن بعض من لم يتعدى تعليمه الثانوي بأنه إكتشف أعشاب أو خلافه تعالج أغلب الأمراض بدون تشخيص أو فحوصات أو معرفة ما هو الداء؟ آن لوزارة الصحة والمجلس الطبي أن يوقف هذه المهازل التي تضر بمواطني هذا البلد الطيب ويكسب منها الدجالون الملايين على حساب السذج البسطاء اللائى تزداد أمراضهم ومعاناتهم بدل الشفاء.
د. عبد الهادى إبراهيم