في التسريبات التي حصلت عليها الأستاذة النجيبة، شمائل النور، وتجدونها على الصفحة الأولى اليوم.. يبدو أن الأستاذ علي عثمان محمد طه، في طريقه لاستعادة عرش الحركة الإسلامية.
علي عثمان، ظل في موقع الرجل الثاني في الحركة الإسلامية منذ شبابه الباكر إلى أن تحرك لملء فراغ الدكتور الترابي بعد المفاصلة الشهيرة مطلع الألفية الثالثة التي أفضت إلى انقسام الإسلاميين في حزبي المؤتمر (الوطني+ الشعبي)..
وبعودته –المرتقبة- إلى القيادة تقدم الحركة الإسلامية أوراق اعتماد فشلها الذريع.. فالحركة التي يعجزها بعد أكثر من خمسين عاماً أن تتداول السُلطة وتجدد عقلها.. هي بكل يقين مجرد كيان (طائفي) عتيق وإن تغلف بلبوس الحداثة والمواكبة.
في الماضي، نجح الدكتور حسن الترابي بالقفز بالحركة الإسلامية من مجرد تنظيم في المحيط الطلابي والحقوق المجاورة، إلى حركة اكتسبت معينات العصر، فكانت أول تنظيم سياسي يؤسس قاعدة اقتصادية راسخة من خلال منظومة البنوك والشركات والأعمال التي ابتدرتها في النصف الثاني من السبعينيات.. وأسست الفرق الفنية والموسيقية.. بل وابتعثت في السبعينيات بعض شباب عضويتها للتخصص في (الإعلام) في الولايات المتحدة الأمريكية في وقت لم يكن تخصص الإعلام مطروقاً حتى داخل السودان.
وفي الوقت الذي حافظت فيه كل الأحزاب والكيانات على مسمياتها التاريخية لم يعجز الحركة الإسلامية تجديد لافتاتها فتنقلت من (جبهة الميثاق الإسلامي) إلى (الاتجاه الإسلامي) ثم (الجبهة الإسلامية القومية).. وفي كل مرحلة بتحالفات نوعية جديدة.. وشاركت في الحكم الحزبي ثم عارضت انقلاب نميري ثم تحالفت معه وشاركته.. ثم انفضت منه فاعتقل كل كوادرها.. ثم شاركت في الحكم الحزبي إلى أن أطاحت به بانقلاب 30 يونيو 1989.. وعندها توقفت عقارب ساعة الحركة الإسلامية!
كان من الذكاء بمكان لو أدركت الحركة الإسلامية أن حيثيات وجودها انقضت في نفس لحظة تسلمها الدولة.. فالدولة أشمل من الحزب أو الحركة.. لكن على النقيض تماماً، نظرت الحركة للدولة على أنها (غنائم) المعركة الطويلة.. فأصبحت الغاية تكريس القبضة على الدولة بكل أنانية.. بحبس عضويتها في أسوار حزب واحد (المؤتمر الوطني) فتظل المعادلة قائمة على خصومه مع بقية مكونات الدولة السياسية.. فيكون منهج التفكير السياسي قائماً على تدمير كل ما عدا الحزب والحركة.. وهو واقع اليوم.. فرغم أن الحركة الإسلامية هي الممسكة بمفاتيح الدولة كلها إلا أنها تستثمر كل قوتها ومالها ونفوذها ومكرها في الإبقاء على كل المكونات السياسية في أضعف حال.. لصالح بقاء (الوطني) حزب الحركة حتى ولو كان على جثة (الوطن).
كان الأجدر بعد جرد حطام التجربة المريرة في الحكم، أن تدرك الحركة الإسلامية أنها في حاجة حتمية لمواجهة قدرها المحتوم.. وإطلاق سراح البلاد من أغلال المنهج المعوج الذي تكبل به انطلاق السودان ونهضته.
ويا شيخ علي.. فاتكم القطار!