يَتَمَتّع السيد رئيس الجمهورية بحضور إعلامي متميز، ويقدم وجهات نظره بشجاعة ويضع النقاط على الحروف. المشير عمر البشير لا يتلعثم، الكلام فواصل ويتحدث بطريقة عفوية بدون تكلف وهذا أكثر ما يميزه. ولهذا عندما يسافر الرئيس يكون تحت أنظار الفضائيات العربية التي تعرف كيف تجري حوارات مع الرئيس لها أبعادها، كما فعلت فضائيتا “العربية وسكاي نيوز” في زيارة الرئيس الحالية للإمارات .
ولكن لماذا تظل حوارات السيد رئيس الجمهورية للفضائيات العربية هي أجمل الحوارات، بينما تفشل فضائياتنا المحلية في استنطاق الرئيس بطريقة مهنية احترافية، رغم أن مُعدِّي ومُقدمي البرامج السياسية فى الفضائيات عندنا يفترض أنهم يمتلكون معلومات أكثر من مُعدِّي ومقدمي البرامج في الفضائيات العربية، باعتبار أنهم يقفون على الملف السوداني على أرض الواقع.
يجب أن لا ندفن الرؤوس في الرمال ونَعترف بضُعف كَبير في جانب الحوارات السياسية بالفضائيات السودانية. وإذا نظرنا لأثر حوار الرئيس مع العربية في الإعلام السوداني والعالمي سندرك الأزمة التي تعيش فيها الفضائيات السودانية. العديد من الصحف وجدت في حوار الرئيس مادة دسمة ومنها صحيفة (الرأي العام) التي جَعلته المانشيت الأول (البشير: سد النهضة أصبح واقعاً ومواقف مرسي وراء سبب توتر الأثيوبيين)، ومن النقاط المهمة في حوار “العربية” تحدث الرئيس عن قطع العلاقة مع إيران وقوله (إنّ ما دفع الخرطوم إلى قَطع علاقاتها مع إيران هو قول أحد القيادات الإيرانية بأن طهران سَيطرت على أربع عَواصم عَربيّة ومنها العَاصمة اليمنية صَنعاء بواسطَة حركة أنصار الله، وأضاف أغلقنا المركز الثقافي الإيراني الذي كان يقوم بالتبشير للمذهب الشيعي داخل السودان).
الفضائيات العربية تجري حواراتها وفق خُطة مُحكمة تعتمد على بحوث في الشخصية المُستضافة وبُحوث حول الموضوع وتعتمد على مُقدمي برامج مُحترفين يجيدون فنون الحوارات بمهارة فائقة. عندنا هنا الأزمة حاضرة في الفضائيات المحلية التي يغلب عليها الأداء غير الاحترافي الذي يعتمد على الفردية مع ان العمل التلفزيوني عمل جماعي ولكن عندما تغيب المهنية تكون الفردية حَاضرةً في المشهد التلفزيوني وهذا هو الذي يجعل الفضائيات تفشل في استنطاق نجوم السياسية عندنا وتهرب لبرامج الغناء والطرب والصفقة والرقيص والشئ الذي يدعو لرفع حاجب الدهشة ان هناك فضائيات مُتخصصة في الأخبار والبرامج السياسية ولكنها اتجهت لبرامج الغناء!!
وللأمانة والموضوعية، فإنّ كثيراً من الصحف السياسية ناجحة في جانب الحوارات والتقارير السياسية لدرجة أنها أصبحت مصدر ثقة لعدد من السياسيين والمفكرين الذين يجدون في الصحف وسيلة لإيصال وجهات نظرهم أكثر من الفضائيات، واعتقد أن أصل الأزمة في الفضائيات يأتي لأن كثيراً منها مازال يعمل بطريقة كلاسيكية ولا تواكب المُتغيِّرات التي تحدث في عالم الإعلام وحتى في الأخبار مازال التركيز على الأخبار البروتوكولية والأخبار الخدمية، وهذا الوضع أثّر على الفضائيات المحلية ومصداقيتها ومُشاهدتها وأصبح الناس يتابعون أخبار السودان من الفضائيات العربية.