كُنت قد عَبّرت في مقال سابق عن سعادتي بتعادل الأهلي شندي مع الموج الأزرق أو (الأسياد) رغم هلاليتي المُعلنة والمُزمنة، واحتفيت بفريق نمور دار جعل وقد أبرم موعداً مع النتائج الكبيرة، بالأمس زُرت شندي ضمن المجلس الأربعيني لاتحاد الصحَفيين السُّودانيين، كان كثيرون يعلقون على المقال في تلكم المدينة الحبيبة ويَتَسَاءلون وماذا عن فريق النيل شندي الذي صَعَدَ للممتاز هذا العام ويُطالبونني بإعادة نشر المقال وها أنذا أفعــــــــــل:
(الأهلي بالنسبة لي ليس فريق كرة قدم، علاقتي تتجاوز النادي إلى عشق مدينة فاضلة اسمها شندي أمضيت فيها أنضر أيام العمر، ربّتني وقدّمتني للدنيا والناس، للنادي الأهلي نَصيبٌ من الحُب والتكوين، فقد كان (ديوان الحلة الكبير) مَسرح المَواهب ومُلتقى الأنداد والأصدقاء، الأهلي مُكوِّن اجتماعي خالد في جينات (الشنداويين) على أيام حكمه بواسطة (آل حجو) تلكم الأسرة الكريمة التي كانت تبسط نبلها وكرمها على أرجاء الحَـي والنادي وفي أزمنة حرستها أسماء مثل كمال علي جابر وعمر عثمان، أيام كان الأهلي يَتسَيّد ساحة شندي طولاً وعرضاً وهو يجمع في صفوفه نجوماً لم تدركهم أضواء المُمتاز لكنهم خلدوا في ذاكرة الشنداويين أمثال النجم سعد الريح وشمس الدين وعاطف بشير وطارق وعماد حمزة (ربنا يطراهم جميعاً بالخير…).
كان النادي الأهلي ومَازال مَنَـارةً فارعةً في عاصمة الجعليين نأوي إلى داره وهو (فريق الحلة) وأقرب جَــار لبيوتنا الكائنة في حي المُوظفين، وعلى الرغم من أنّ الوالد – رحمه الله – كان رئيساً لنادي الحُــوش، إلاّ أنّ صلات الرياضة كانت تجمعه بقيادات الأهلي والنيل وكل فرق شندي وجميعهم أصبحوا بعد ذلك من أساطين العمل الرياضي في السودان محمد الشيخ مدني أستاذ الرياضيات وأبو القوانين والفاضل الأستاذ عصام الحاج والراحل المُخضرم عبد المجيد منصور طَيّبَ الله ثـراه وغيرهم كُثُرٌ .
التحية لقيادة النادي الأهلي الحالية وهي تكسب رهان الموسم وتعد العدة لانتصارات قادمة، أعجبني (فرح الهلالاب) بالتعادل، حزنت لأنّ الأسياد وصلوا إلى درجة الاحتفال بهكذا نتيجة وسعدت لأن نمور شندي أصبحوا بُعبعاً يخيف القمة ويدخلها في دوامَــة نزيف النقاط في كل عام، تََذَكَّــرت شندي وأيامها والنادي الأهلي والسينما وَمَكتبة لطفي وفول (عم جاد وأبو الزيق وعَم نعيم وباسطة الدرديري وقهوة هَبّـــــار)، يشدني حنين جارف إلى ونسة مع (ملين) أحلى ثمَـــــار الحديقة الشنداوية، وسَاندوتش طَعمية في المحطة وحـوامَـة (نص النهار) في السوق الكبير…
شَوقٌ جَارفٌ واحترامٌ وإجلالٌ لأساتذتي الأفاضل محمد عثمان الدمور وعباس عبد الوهاب عبد المنعم الجزار وعوض تاريخ والفاضل النبيل عبد المنعم محمد أحمد الذي دَرّسَــنَا تاريخ العالم العربي وكَأنّه عَاشَ مع العثمانيين، وشيخ عباس الذي نقل لعقولنا الأزهر بعلمه وسماحته واعتداله وجماله.
تَذَكّرت عَدَدَاً من اللاعبين المُخضرمين الذين عُلّقوا في مخيلتنا ومازالوا يُشكِّلون زمناً مُبدعاً في مجال كرة القدم، تَذَكّرت عبد المحمود (الخواجة) نجم السودان وساردية وشقيقه النقادي وعثمان الجلال وفارسا وعرجت للنسر مع السّحّار وكازينو وسليمان حليبي وعلي فليكو الذي لعب للمريخ، وفي الحوش كَانَ هُنالك الكابتن فيصل الذي هَزَمَ المريخ في بورتسودان وهو يلعب ضمن صفوف حي العرب وجمال ومحمّد الزين وسعادتو تاج الدين الزين، وفي النيل عاصرنا دحيش 80 وماوماو وأستاذنا النجاشي وبقية العقد النضيد…
شَنَدي مدينة مُميّزة أنتجت للسودان وعياً مُبكراً بالنتائج والانتصارات والتميز، كان حراك مراكز الشباب حاضراً وندوات النادي الثقافي عامرة، مَا أجمَل أمسياتها الدافئة بقرآن شيخ عبد الرحيم، ومَا أمتع مُنتدياتها، هي وأنديتها تهدي السودان فيضاً من الأصوات والكوادر والقيادات والنوابغ في المَجَــالات كَــافّة…
شندي بأهلها (وأهليها) سَتظل ذكرى في الخاطر ووعياً وتَميزاً في (الحاضر).. نقول للرياضيين أمسكوا الخشب مسيرة النمور ستفضي بها إلى المنصات هذا العام.. والتحية لأهل شندي في نهاراتهم البهية وأمسياتهم التي كان يلفحها نسيم البحر وتهدهدها أصوات (قوار) و(عصام الجاك) و(جعفر) وحتى (ود دفعتنا) الموهوب فاروق الدرديري.
عَلَى كُــلٍّ:-
* تلك كانت شَــندي ومَا يَربطني بها من عشق أحاول أن أكتب عن زيارتها في مُقبل الأيّـــــام…