تحدثت مع زوج يستثمر راتبه كله ويتاجر به وألزم زوجته أن تصرف من راتبها عليه وعلى مصاريف البيت والأولاد والمدارس والعلاج. فقلت له: هل تعلم أن الشريعة الإسلامية أوجبت النفقة على الرجل تجاه زوجته في تأمين المسكن والأثاث ومستلزمات الحياة والنفقة الزوجية، ومنها تأمين الطعام والشراب واللباس والعلاج وتأمين الدواء للزوجة؟، وألزمت الزوج بهذه الالتزامات حتى لو كان فقيرا سواء كانت زوجته فقيرة أو غنية، مسلمة أو غير مسلمة، وهل تعلم أن الزوجة إذا لم تحافظ على بيتها ولا تقوم بواجبات الزوجية ولم تستجب له بالفراش من غير عذر فإنه لا يلزم الزوج النفقة عليها لأنها لم تقم بهذه الواجبات؟، وهل تعلم أن الزوج إذا لم ينفق على زوجته صارت النفقة دينا عليه ولا بد أن يؤديها لزوجته، وأن الزوج إذا لم ينفق على زوجته وهو يستطيع الإنفاق فإن الزوجة يحق لها أن تطلب الطلاق لهذا السبب؟، كل هذه المعلومات ذكرتها، فلما ذكرت له هذه المعلومات استغرب وقال ما كنت أتوقع أن الإسلام دقيق لهذه الدرجة.
ورجل آخر معدد تزوج الأولى وبعدها بعشر سنوات تزوج الثانية وهو كثير السفر فكان يأخذ الثانية معه في الأسفار، فاشتكت عليه زوجته الأولى، فقلت له: هل تعلم أن العدل أساس إباحة الزواج من الثانية، والمقصود بالعدل أن يكون في المعاملة والنفقة والسكن والطعام والكسوة وليس في المحبة، وإلا تأتي يوم القيامة وشقك مائل كما ذكر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل)، ولكن الإسلام أجاز في السفر أن يختار الرجل إحداهما فتكون رفيقته بالسفر، ولهذا كان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يخير زوجاته إذا أراد السفر، ويقترع بينهن (يعني يعمل القرعة) حتى يطيب خاطرهن، وإذا لم يعدل في التعدد أجازت الشريعة للزوجة المظلومة أن تطلب الطلاق لعدم العدل، فلما ذكرت للمعدد هذه المعلومات استغرب منها كذلك وقال: سأغير معاملتي لزوجتي الأولى للأفضل.
وامرأة أخرى تحدثت معي حول علاقات زوجها المتكررة بالحرام وأن هذه العلاقات سببت لها أمراضا كثيرة، وآخرها كان مرضا جنسيا خطيرا، وهي ساكتة على هذه الحالة لأكثر من خمس عشرة سنة فقلت لها: لقد أخطأت بسكوتك على ظلم زوجك وإن الطلاق في هذه الحالة من حقك إذا بذلت كل المحاولات لإصلاحه وهو مستمر بالحرام، قالت: ولكني لا أريد أن أهدم بيتي وأنا محتاجة إليه وليس لدي عائل أو بيت أسكن فيه، قلت: إذًا في هذه الحالة واجهيه بالتقرير الطبي، ومن حقك أن تشترطي عليه عدم معاشرتك بالفراش حتى يعمل فحصا طبيا كل ثلاثة شهور بسبب إصراره على الزنا واستمراره فيه، قالت: وهل يحق لي ذلك؟ قلت: نعم لأنه ينقل لك الأمراض بسبب العلاقات المحرمة ومن حقك الرفض حتى يتأدب أو الانفصال عنه، فقد قال تعالى (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) فإذا ذكر الله أن الإمساك بالزوجة يعنى تركها وعدم معاشرتها محرم لأنه يضرها، فكيف لو كانت معاشرته لها فيها إضرار لها مثل ما حصل معك من أمراض جنسية خطيرة وقد تكون مميتة، فهل تعلمين أن بعض الفقهاء قالوا بوجوب الدية كاملة على الزوج لو أتلف مسلك البول عند المرأة!، قالت: كلامك عجيب لم أسمع به من قبل، قلت: وهل تعلمين أن عند المالكية لو أن الرجل اتخذ قرارا أن لا يتكلم مع زوجته أو أنه إذا نام معها بالفراش وحول وجهه عنها فإن لها أن تطلب الطلاق للضرر على هذه التصرفات، استنادا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار)، فكيف بما فعله بك من أمراض جنسية قاتلة؟!
وقصص أخرى كثيرة تحدث معي كل يوم مع الأزواج والزوجات وأكتشف من خلالها أن الناس لا تعرف حقوقها وواجباتها، وأن لديهم ضعفا واضحا في فهم الدين ومهارات التعامل مع المشاكل الأسرية.