ربما كان تبسيطا مخلا لتعقيدات الحياة ما تغنى به المرحوم ابراهيم عوض للدنيا مختصرا حكاويها في انها (منى واحلام) فقال بلسان العاشق خالي البال الا من منى وصال المحبوب:
ليالي لقانا جميلة كانت .. كانت .. يا سلام
افراح .. سمر .. واغاني والدنيا منى واحلام
وقد افتى ذو الحنجرة الذهبية بـ (يا دنيا جمالك مغري) !!
أما عندليب الفن العربي عبد الحليم فتغنى لجمال الدنيا:
عيش ايامك عيش لياليك .. خلي شبابك يفرح بيك
عيش بالروح والعين والقلب .. ضحك ولعب وجد وحب …
وهنا رغم مافي ظاهر دعوة الشاعر المصري المبدع (مرسي جميل عزيز)، للشباب بالانطلاق لعيش حياة حلوة ملؤها الحب واللعب والضحك بدون قيود، إلا أنها تعبّر عن معنى سامي جميل يمثل جوهر ولب فلسفة العيش في الحياة بصورة ايجابية ..
فهي تحمل دعوة لأن لا تشغلك المشاكل والهموم ودوامة السعي لكسب العيش، عن الانتابه لمعنى وجودك في الحياة واستمتاعك بكل ساعة تقضيها فيها، وان تستشعر لذة الـ جد في ساعات كدك واجتهادك، كاستشعارك لمتعة الـ لعب ولو كان لعبك عبارة عن لحظات تقضيها في الترويح عن نفسك، باشياء بسيطة كـ التوقف للاستمتاع بسماع مقطع من أغنية جميلة تحبها، أو السماح لنفسك بالاستمتاع بضحكة ابنك الصافية وبريئة وتحمد الله الذي زيّن حياتك بهذا الابن أو تحسس نعمة اللقمة الدافية التي تسندك والعافية والتي تكسوك من ضمن نعم الله عليك وتحمده عليها .
مع اختلاف طريقة الطرح، فأن دعوة (مرسي جميل عزيز) تلامس حواف الحكمة التي صاغها لنا السلف الصالح:
اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
فهذه العبارة المنسوبة إلى (الحسن البصري) رحمه الله، تؤكد على حقك في أن تنكب على خدمة دنياك وكأنك سوف تعيش فيها إلى الأبد فتستمتع بما أحل الله لك من مباهجها، وفي نفس الوقت تعمل بنفس الاجتهاد في صالح الاعمال التي تؤمن لك الفوز بالجنة في آخرتك ..
من المؤسف أننا – شعوب العالم الثالث – وخاصة كسودانيين لا نجيد فن الاستمتاع بالحياة، ولا نحفل بالتوقف للحظات نتأمل فيها أين نحن؟ وما لنا وما علينا .. بل تجرفنا مشاغل الدنيا وضيق المعايش ولهاث السعي لكسب العيش تجعلنا ندور دوران الثور حول ساقية جحا الـ بتشيل من البحر وتكب في البحر .. متناسين حكمة لكبارنا تقول (قليلة رايح وكتيرا رايح) !!
مخرج:
لشد ما جذبتني جملة فلسفية عميقة جاءت على لسان بطلة فيلم اجنبي كنت اتابعه تقول:
(عليك ان تعيش كل يوم في حياتك كأنه آخر أيامك فيها، لأنه سيأتي يوم ويكون كذلك).
وجحا قال (دا ذاتو الخايفين منو )!!