هل أصبحت الرموز التعبيرية “أصدق إنباءً من الأحرف”؟!

مع الاعتذار الشديد من الشاعر أبو تمام الذي قال، عندما فتح الخليفة العباسي المعتصم مدينة عمورية، قصيدة طويلة استهلها بالبيت التالي:

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ .. في حدِّهِ الحدُّ بينَ الجِدِّ واللَّعبِ

فهل يا تُرى يَحق لنا أن نقول مع الانفجار الكبير الحاصل في استخدم جيل الألفية من مستخدمي الإنترنت الرموز التعبيرية لإيصال أفكارهم ومشاعرهم:

الرَّمزُ (التعبيري) أصدق إنباء من الأحرف .. في شكله الحد بين الجد واللعب

بالفعل، فمع هذه الرموز المتعددة وكثيرة الأشكال أصبحنا نعبر بكل سهولة عما يختلج صدورنا والحالة التي نشعر بها، سواء كانت فرحًا أم حزنًا، جِدًا أو هزلًا. لذا يرى البعض أن الرموز التعبيرية أصبحت فعلًا “أصدق إنباء من الأحرف”.

ولعل أبرز ما يدل بوضوح على شيوع ثقافة الرموز التعبيرية في أوساط مستخدمي الإنترنت حول العالم؛ خاصة الشباب، هو أن جامعة أكسفورد لم تختر أي كلمة لتتصدر قائمتها السنوية لأكثر الكلمات المصطلحة استخدامًا، بل اختارت، وللمرة الأولى على الإطلاق، رمزًا تعبيريًا.

إذ تصدر الرمز التعبيري – ? – الذي يُعرف بأنه “وجه مع دموع الفرح”، قائمة قواميس أكسفورد لعام 2015 للمصطلحات الجديدة، وهي قائمة سنوية تضم أكثر الكلمات الجديدة على اللغة الإنجليزية استخدامًا، أو الكلمات الموجودة فعلًا ولكنها تُستخدم على نحو غير متعارف عليه.

وكانت جامعة أكسفورد قد أشارت إلى أن الانفجار الحاصل في “ثقافة الرموز التعبيرية” خلال العام 2015 كان أحد الأسباب الذي دفعها لاختيار هذا الرمز التعبيري لتصدر قائمتها السنوية.

ويٌقال إن الرموز التعبيرية نجحت في تجاوز الحدود اللغوية، لتصبح لغة عالمية تمتاز بأنها مفهومة لكل سكان الأرض، ومن هنا ندرك سعي البعض لإطلاق لوحات مفاتيح تعتمد الرموز التعبيرية بدلًا من الأحرف الأبجدية.

بل إن الأمر تعدى لوحات المفاتيح، لتتحدث شركة بريطانية في حزيران/يونيو الماضي أنها أطلقت أسلوبًا جديدًا، قالت إنه أكثر أمنًا، يعتمد على الرموز التعبيرية بدلًا عن رمز “رقم التعريف الشخصي” PIN التقليدي المكون من أربعة أرقام والذي يشيع استخدامه للوصول إلى الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.

ولا يفوتنا كيف أن فيس بوك، عند كثرت المطالبات بتوفير طرق جديدة للتفاعل مع المنشورات، إلى جانب خيار “الإعجاب”، اختارت إضافة عدد من الرموز التعبيرية التي ترى أنها كافية للتعبير عن طيف واسع من المشاعر البشرية.

ولكن ما السبب وراء انتشار ثقافة الرموز التعبيرية، هل لأننا نعيش في “عصر السرعة” – أو “عصر الكسل” كما يحلو للبعض أن يطلق عليه هذه الصفة – الذي فرضته علينا التقنيات الحديثة من هواتف ذكية وأجهزة متصلة بالإنترنت تسعى لتوفير المزيد من الراحة، حتى أن رمزًا تعبيريًا واحدًا مثل يكفي للرد على طرفة “بأن هذه الطرفة أعجبتني كثيرًا وأنا الآن أبكي من شدة الضحك”.

ولكن هناك رأي آخر، يوضحه لنا كاسبر جراثول، رئيس قواميس أكسفورد في بيان نُشر في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المنصرم بالقول “يمكنكم تصور كيف أن الحروف الأبجدية التقليدية تكافح لتلبية الطلب السريع والذي يركز على العنصر البصري للتواصل في القرن الحادي والعشرين”.

وأضاف جراثول “إنه ليس من المستغرب أن تتصاعد الكتابة التصويرية، مثل الرموز التعبيرية لسد تلك الثغرات، فهي تتسم بالمرونة، والفورية، وتغرس انطباعًا جميلًا. ونتيجة لذلك أصبحت الرموز التعبيرية على نحو متزايد شكلًا ثريًا للتواصل، وبشكل يتجاوز الحدود اللغوية”.

وبعد تجاوز الحدود اللغوية، بدأت في الآونة الأخيرة يظهر عدد من التساؤلات بشأن مستقبل الرموز التعبيرية، فهناك من يرى بأنه ستكون لغة المستقبل، وعلى الجانب الآخر هناك من يعتقد أن الرموز التعبيرية لن تتعدى كونها صرعة من صرعات العصر التي سرعان ما تخبو.

ومثلما فعلت هيلاري كلينتون في آب/أغسطس الماضي عندما طلبت من متابعيها على موقع تويتر الرد على قضية دين الطلاب في الولايات المتحدة باستخدام 3 رموز تعبيرية على الأكثر. هل يمكنكم الإدلاء بآرائكم على هذا المقال بنفس الطريقة؟ ?☺?

على كل حال كيف تنظرون لثقافة الرموز التعبيرية؟ وما هو المستقبل الذي تتوقعونه لها؟

بقلم أحمد الخضر
البوابة العربية للأخبار التقنية

Exit mobile version