البروفيسور إبراهيم غندور قال أمام البرلمان أمس الأول إن السودان تقدم بشكوى لمجلس الأمن ضد مصر لإقامتها الانتخابات في منطقة حلايب وشلاتين.. وعلى خلفية أحداث القتل والانتهاكات الأخيرة ضد السودانيين يصبح الموقف –الآن- أكثر وضوحاً.
يبدو أن أساس المشكلة بين الحكومتين فقط.. لمن أعراضها تظهر في هذه الأحداث الراهنة وقد يكون محير جداً لماذا تنصلح علاقاتنا بمصر بسرعة ثم تنهار بنفس السرعة.. فقد ظلت الحكومة السودانية حريصة على تجنب إثارة قضية حلايب خلال الفترة الماضية لأنها تدرك غياب توازن القوى بين البلدين ليس داخلياً فحسب، بل حتى إقليمياً ودولياً فالسودان دولة تعاني من عزلة وشح الأصدقاء في العالم وينخفض صوتها أمام صوت مصر دولياً.. فلماذا اختار البروفيسور غندور هذا الوقت لإثارة هذه القضية هل هناك معطيات حقيقية قلبت موازين القوى لصالح السودان ليستنجد الآن بالمجتمع الدولي لاستعادة حلايب.
سأترك التحليل لفطنة القارئ؛ لكنني فقط ألفت الانتباه للأوضاع الداخلية في السودان المستعصية سياسياً واقتصادياً بصورة تجعل السودان الآن في وضع غير ملائم لإثارة هذه القضية إلا إذا كانت الحكومة تعول على نظرية (العدو الخارجي) في مواجهة المشاكل الداخلية.
منذ أول يوم وضعت مصر يدها على مثلث حلايب في منتصف التسعينيات بذلت مجهوداً كبيراً في التنمية واستمالة السكان لمزيد من تعميق الأمر الواقع، خاصة أن السودان ظل غائباً عن هذه المنطقة لا يتذكر إلا أنها دائرة جغرافية في موسم الانتخابات.. مما سهل مهمة (التمصير).. وكأني بالسودان لم يستفد من عبر الماضي فيكرر ذات الأخطاء الآن في منطقة (أبيي) التي يتنازع فيها مع جنوب السودان، بدلاً من تقديم الخدمات واستمالة السكان نعول على اللسان حتى إذا ما فقدناها شققنا الجيوب ولطمنا الخدود.
غياب الإستراتيجية الواضح في سياساتنا الخارجية يجعلنا في حيرة من القرارات المفاجأة فهل حسبت حكومتنا حساباتها جيداً قبل الإقدام على هذه الخطوة أم كما قال الرئيس الأسبق حسني مبارك (كنا بنعاكس بعض بالمذكرات) وذيع بعد عودة العلاقت بعد طول جفاء.. وكان يشير إلى مذكرة سابقة رفعها السودان ضد مصر إلى مجلس الأمن في قضية حلايب أيضاً.
شئ ما يجري خلف كواليس العلاقات السودانية المصرية ليس واضحاً بشكل كافٍ حتى الآن..