* تنطلق اليوم من مقر صحيفتنا حملة مناهضة العنف ضد المرأة السودانية التي تقيمها منظمة (سيما للتدريب وحماية حقوق المرأة والطفل) بالتعاون مع المنبر الشهري للصحيفة، وهي حملة في غاية الأهمية ولا بد أن تجد حظها من الترويج والمساندة والدعم، فالمرأة السودانية وفي مختلف مراحل العمر تتعرض لانتهاكات كثيرة وتعاني القهر والعنف والاضطهاد من الأسرة والمجتمع والدولة، بل والقانون الذي يعتبرها عورة أو ينتقص من حقوقها، والأمثلة كثيرة مثل القانون الجنائي لعام 1991 الذي يفرض عليها أكثر أنواع العقوبات إهانة للكرامة وهي الجلد، لمجرد زي ترتديه قد يراه أحد رجال الشرطة فاضحاً وهو غير ذلك، أو قانون الأحوال الشخصية لعام 1991 الذي يعطي الزوج حق إنهاء العلاقة الزوجية (الطلاق) بمجرد كلمة يطلقها في أي وقت وبدون سبب، ويحرم الزوجة المظلومة المكلومة من حق الدفاع عن نفسها وعن حياتها الأسرية، أو من التعويض المناسب !!
* أشكال وألوان من العنف تتعرض لها المرأة في بلادنا، ليست محصورة، كما يعتقد البعض في اللكمات والصفعات و(الشلاليت) التي قد تأتيها من الأب أو الأخ أو الزوج في أي زمان ومكان ولأتفه الأسباب، وتترك في نفسها وجسمها الكثير من الآثار، أو تودي بحياتها ..
* وليست مقصورة على تقطيع أوصالها وتشويه جسمها وتدمير نفسها في (جريمة) ما يعرف بالخفاض أو الختان التي يعتقد مرتكبها أنه يحمي بها (شرفه) من الشهوة الجامحة الكامنة في جسم ابنته أو حفيدته بما يجافي العلم والحقيقة، وحتى لو كانت كذلك، فلماذا سوء الظن بالمرأة وإصدار عقوبة أبدية عليها على غير دليل أو أساس أو منطق بأنها سترتكب ما يشوه سمعة أسرتها إن لم تُقطع أوصالها ويُشوه جسمها وتُدَمر نفسها.. أي عدل وأي قانون وأي شرع يجيز للإنسان أن يحاكم آخر ويعاقبه بالتقطيع والتشويه والتدمير على جريمة افتراضية لم تقع، وعلى نوايا لم تتوفر، وعلى حسابات ظالمة باطلة خائبة، قائمة على أن جسد المرأة عار لا بد من بتره وتشويهه حتى يسلم شرف الأسرة من التشويه والتدنيس.. آه يا أيتها البلاد الظالمة !!
* عنف متنوع وممنهج ومتصل تتعرض له المرأة، من أول أيام طفولتها وحتى شيخوختها.. التمييز بينها وبين الإخوة الذكور، الحرمان من استقبال ومجالسة الضيوف، الحرمان من تناول الطعام مع الذكور، الحرمان من الخروج والدخول إلا بمرافق، الحرمان من التعليم، الحرمان من الرياضة ـ وحسناً فعلت السفيرة الهولندية (سوزان بلانكهارت) التي سبحت في النيل بمشاركة أخريات، كما أشار الزميل أشرف عبدالعزيز في عموده المقروء أمس، للفت النظر إلى أهمية الرياضة النسوية التي كنا الرواد فيها ذات يوم ثم انهارت ككل شئ آخر في زمن الإنقاذ والإعجاز ـ الحرمان من إبداء الرأي، الزواج القهري، السن المبكر للزواج، الطلاق القهري الذي يحميه القانون الظالم، الظلم والمساومة على الوظيفة، الأجر غير المتساوي، التخطي في الترقي وشغل المراكز القيادية، أسوار الشكوك التي تحيط بها أينما حلت ورحلت، العنف اللفظي والتحرش والابتزاز الجنسي الفظيع في كل مكان وزمان، وغير ذلك من أنواع العنف والاضطهاد والحط من الكرامة.
* قبل جمعتين أديت الصلاة في مسجد (الكوارتة) بحي ودنوباوي بأم درمان، ولم يجد الإمام الفاضل ما يقوله في الخطبة مع كثرة الموضوعات التي تستحق الحديث، غير الإساءة للنساء، كل النساء، بأبشع الألفاظ وأقذر الاتهامات.. مسكينة يا بنت بلادي!!
الجريدة