> البيان الصحافي الصادر عن وفد الحكومة لجولة المفاوضات العاشرة حول المنطقتين بجنوب كردفان والنيل الأزرق، وضع النقاط فوق الحروف حول ما يجري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وأبان.. لماذا ذهبت الحكومة إلى هناك؟ وكيف تفاوض؟ ولماذا؟وما هي مواقفها من النقاط المختلف حولها مع الطرف الآخر؟.. ولا تحتاج الحكومة لأكثر من هذه التوضيحات في الرد على أباطيل كذب الحركة الشعبية قطاع الشمال ومماطلتها وعدم جديتها في التوصل إلى سلام يوقف الحرب ويعيد الاستقرار إلى هاتين المنطقتين.
> والحكومة في سبيل صناعة السلام وتثبيته كهدف استراتيجي، والتزاماً بالتعهدات السابقة وتوافقاً مع القرارات الدولية والإقليمية لإنهاء حالة الصراع والتنازع في السودان، رضيت بالطريقة العقيمة للآلية الإفريقية رفيعة المستوى التي يقودها الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو أمبيكي، وهي طريقة توسط بآلية غير مجدية تستخدم أساليب لا تنتج شيئاً ولا يمكنها أن تحقق حلاً بسهولة وسرعة في قضية معقدة كالتي بين يديها.
> ومنذ أول جولة، لم تتقدم المفاوضات قيد أنملة، والسبب أن أجندة التفاوض غير متفق حولها. فالنقاط الرئيسة التي تنتظر توافق الطرفين عليها للبدء العملي في الترتيبات المتعلقة بالاتفاق النهائي، تتباعد حولها المواقف بصورة حادة للغاية، حتى صارت الأجندة والنقاط هذه هي الأصل وليس النزاع نفسه وأسبابه وكيفية حسمه وما يترتب على الاتفاق إن تم التوصل إليه وتوقيعه.
> وسبب كل هذا، هو الحركة الشعبية قطاع الشمال التي لا ترغب في السلام ولا تريد الاتفاق، فرئيس وفد الحركة للمفاوضات ياسر عرمان يتلاعب على حبال الوقت وتطويل ومط الزمن، لأنه لا يريد أية اتفاقية في الوقت الراهن، فهو ليس من أبناء المنطقتين ولا يحس برغبة مواطنيها أصحاب المصلحة الحقيقية في الاستقرار وإبعاد أنفسهم عن دائرة الحرب والمواجهة الدماء، ولأنه ليس من أبناء جبال النوبة ولا النيل الأزرق، فلن يشعر ولا يُلقي بالاً لدموع اليتامى والأرامل والثكالى، ولا لأشلاء الضحايا، ولا يأبه للحريق ورماد القرى وبؤسها وما صنعته هذه الحرب المجنونة التي شردت السكان من قراهم ومناطقهم ومنعت الزراع من ممارسة مهنتهم وجعلت الكثير منهم ينتظر الإغاثات وما تنقله منظمات العون الإنساني لهم.
> فالحركة الشعبية قطاع الشمال، لا تمثل اليوم مقاتليها من أبناء المنطقتين، فهؤلاء لا حول لهم ولا قوة، بل تمثل شهوات ورغبات المجموعة السياسية المستفيدة من الصراع ومن العلاقات مع الدوائر الغربية التي توفر التمويل والدعم، وقد استطاع (كارتل) الحروب ومجموعات الناشطين في الولايات المتحدة الأمريكية و أوروبا، نسج خيوطهم بدقة حول هذه المجموعة السياسية الصغيرة من قيادات قطاع الشمال، وفي مقدمتها رئيس وفد الحركة المفاوض، لخدمة مصالحها وهي استمرار الحرب والنزاع المسلح في السودان، خدمة لمصالح استراتيجية غربية وصهيونية معلومة لا تحتاج إلى تفسير. فهؤلاء جميعاً سدنة لدوائر غربية مشبوهة، هم بيادق رقعة الشطرنج يقومون بمهام محددة لإطالة أمد الحروب وإضعاف السودان وإنهاكه بالصراعات الدامية، فلا أمل في التوصل معهم لاتفاق في ظل الظروف الراهنة والمعطيات البائنة التي تكشف ما يقومون به ويسعون إليه..
> لكن الحكومة لن تغيب مهما كان عن طاولة المفاوضات، فعليها إذن.. السعي مع جهات دولية وإقليمية عديدة لجعل المفاوضات وسيلة فعالة وجادة للوصول إلى سلام في بلدنا، وأولها تنبيه الآلية الإفريقية إلى أن أسلوبها في إدارة العملية التفاوضية لا يقود إلى المبتغى والمرتقب لكل سوداني، وفيه مضيعة للوقت والجهد، وتفوح منه رائحة مؤامرة كريهة على بلدنا ظهرت في تساهل الوساطة وضعفها وهزالها وقلة حيلتها في التعامل بحسم وقوة مع قضايا التفاوض. وينبغي على الحكومة وهي في موقف سليم وقوي خلال هذه الجولة التعامل بحزم أكبر مع مسألة التفاوض ووضع الأمور في نصابها، خاصة أن قضية مرور الإغاثة الإنسانية ووقف العدائيات ومناقشة القضايا الوطنية، قد حُسم بعضها من قبل بالتوصل إلى تفاهمات حولها بعضها موقع كالاتفاق الثلاثي لمرور الإغاثة.
> حان الوقت أن توضع كل الأمور في نصابها، وليس هناك الكثير من الوقت ليُضاع في ما لا طائل منه، نحن الآن في مرحلة تحتاج إلى وضع حد لكل ذلك التسويف والمماطلة واللعب على الذقون، الذي تمارسه الحركة وتوابعها من حركات دارفور.