أصبح العالم متوجساً من تكرار التفجيرات والعمليات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية، وانعكس ذلك توتراً وقلقاً من الأجهزة الأمنية غير مبرر أحياناً، ويخشى الناس أن تكون له تداعيات خطيرة بأخذ الناس بالشبهات أو تحمليهم جرائر غيرهم فقط لأنهم يتقاسمون الملامح نفسها أو يتحدثون اللغة نفسها، حيث دخلت اللغة مؤخراً كعامل يساعد في التعرف على هوية المشتبهين، كما جرى في أحداث باماكو الأخيرة عندما أشار بعض الناجين من الرهائن أن منفذي الهجوم على فندق راديسون بالعاصمة المالية باماكو كانوا يتحدثون الإنجليزية وهو دليل على أنهم مقاتلون أجانب لأن سكان مالي يتحدثون الفرنسية بحكم الاستعمار الفرنسي قديماً لبلادهم ونفوذها السياسي والاقتصادي الراهن الكبير على مالي والكثير من البدان الأفريقية الفرانكفونية.
ولكن اللغة تطورت إلى أن تصبح عامل شك وريبة بصورة مزعجة ومثيرة للجدل والسخرية في آنٍ معاً، فقد حملت وسائل الإعلام قصة مفادها أن مسافرين على خطوط داخلية بين شيكاغو وفيلادلفيا في الولايات المتحدة تم منعهم من الصعود إلى الطائرة ليس لأي سبب آخر سوى أنهما كانا يتحدثان باللغة العربية، وتقول التفاصيل إن كلاً من ماهر خليل وأنس عياد الأميركيين من أصول فلسطينية يريدان الصعود إلى طائرة تابعة لشركة الطيران “ساوثويست أيرلاينز”، عندما قال لهما موظف في الشركة معتذراً إنهما لا يمكنهما أن يستقلا الطائرة لأن مسافراً آخر سمعهما يتحدثان بالعربية ويشعر بالخوف من السفر معهما. واستجوبت أجهزة أمن مطار شيكاغو والشرطة الصديقين قبل أن يسمح لهما بالصعود إلى الطائرة. وروى ماهر خليل لشبكة “إن بي سي-5 شيكاغو” أن عدداً من الركاب داخل الطائرة طلبوا منه بعد ذلك فتح علبة بيضاء كان يحملها، وقال ساخراً “عندها تقاسمت البقلاوة التي كانت في داخلها معهم”.
شركة الطيران عندما واجهتها وكالة الصحافة الفرنسية التي أوردت الخبر رفض التعليق، ولكن بات من الواضح بعد أحداث باريس وسقوط الطائرة الروسية بعد إقلاعها من شرم الشيخ المصرية أن العالم الذي أرعبته هذه العمليات الإرهابية سوف يعزز الإجراءات الاحترازية، ولكن في غمرة كل هذه المخاوف والهلع يجب على الغرب التمسك أولاً بقيمه الرئيسة المتعلقة في احترام الآخر المختلف عنه في الدين واللسان واللون وأن لا يسمح لحالة الرعب الراهنة أن تقوده إلى التخلي عنها، كما أنه من الناحية العملية فإن المنفذين للتفجيرات الذين بات الغرب يخشاهم هم ليسوا من الناطقين بالعربية، فهم من أبناء الغرب نفسه ومن الأجيال الثالثة في الغالب للمهاجرين العرب إلى أوربا أي أن لسانهم أعجمي.
لسلامة المسافرين العرب ينصح باستخدام لغة الإشارة فهي على الأقل لا تصنف لأمة بعينها !