قياساً على مباراة الذهاب في دبي، لم أكن وغيري نتوقع أن يُقدم الأهلي مباراة بهذه القوة في الصين أمام فريقها القوي والمنظم والسريع جوانزو، خاصة في ظل تواتر أنباء عن إزعاجات كثيرة طالت بعثة الأهلي حتى قبل السفر إلى جوانزو وبأيام طويلة بدأت بمحاولة عرقلة هبوط الطائرة الخاصة، إلى تحجج الفندق الذي تم الحجز فيه قبل أسبوعين من المباراة، ودفع المبلغ المطلوب بأنه غير قادر على حفظ أمن البعثة.
وأعتقد أن تدخل بعض المسؤولين الصينيين في دبي ورسائل عبدالله النابودة للاتحاد الآسيوي أسهمت في تسهيل الأمور، ومع هذا جاءتنا الأنباء والصور من الصين بأن البعثة تتعرض لإزعاجات خلال التمارين بوجود طائرات صغيرة من دون طيار تطير فوق تدريبات الأهلي، وأعتقد أنها محاولات صبيانية أكثر منها محاولة تجسس على كوزمين ولاعبيه – أو هكذا ظننا – لأن مستوى جوانزو في الذهاب كان جيداً جداً، وكان هو الطرف الأقوى، ولم أعتقد شخصياً، كما لم يعتقد غيري أن الأهلي سيتفوق على نفسه إياباً، ويقدم مباراة للتاريخ والذكرى، وبعشرة لاعبين بعد طرد سالمين خميس في الدقيقة 66، والذي لن أناقش في أحقية نيله للبطاقة الحمراء من عدمها، ولكني أنتقده على «غضبه ورفضه الخروج من الملعب»، فهو سلوك غير احترافي، وهو يدرك أن غضبه لن يزيد الطين سوى بلة؛ لأن الحكم لن يتراجع عن قراره، وسيفقد فريقه الوقت، وأيضاً سيوتّر بقية اللاعبين، ومع هذا فمن يعرف سالمين شخصياً، سيجد أنه لاعب دمث الأخلاق، ولكن فورة الشباب وعشقه للأهلي قد يكونا السبب في ردة الفعل العنيفة.
وبعشرة لاعبين، قدم الأهلي 28 دقيقة للتاريخ والذكرى، وكاد ليما أن ينهي كل أحلام جوانزو ويحولها إلى كوابيس لو تمكن من تسجيل هدف التعادل في الدقائق الخمس الأخيرة من المباراة التي وللمرة الأولى أشاهد الزي الموحد لكل من في الملعب من صينيين رغم غلاء ثمن تذكرة الدخول، التي وصلت إلى 500 دولار.
صحيح أن الأهلي لم يتوج، ولكن الصحيح أيضاً أنه لم يكن لقمة سائغة، وقدم عرضاً قوياً يستحق معه أن نشيد به وإدارته ومدربه الذي أجبرته الظروف على تبديل أحمد خليل؛ لأن الأخير هو من طلب التبديل حسب كوزمين، وأتمنى أن يكون هناك استقبال كبير لبعثة الأهلي، وأنا أكتب هذه المقالة بعد النهائي مباشرة، ولا أعرف إن تم الاستقبال أم لا، ولكن الأهلي كتب تاريخاً جديداً لنفسه وللكرة الإماراتية وخسر بهدف يتيم أمام 42499 متفرجاً لم يسكتوا أو يهدأوا لحظة واحدة، فيما لعب الأهلي في دبي أمام 9480 متفرجاً، وهي سعة الملعب والفارق كبير بين الرقمين، ومع هذا كان الأهلي خارج الديار أفضل، وترك الصينيين على أعصابهم حتى الدقيقة 94.30 حين أعلن الحكم الأفضل في آسيا رافشان إيرماتوف نهاية المباراة بتتويج جوانزو «لن أتحدث عن التحكيم، وسأدع كل شيء للمختصين»، ولكن نرفع القبعة للأهلي، ونقول لهم: كفيتم ووفيتم وما قصرتوا.