وردني عبر بريدي الإلكتروني هذا الرأي الجرئ حول ما كتبته مؤخراً عن العلاقات السودانية مع مصر، أنشره كاملاً ثم أعقِّب عليه لأهميته.. تقول الأستاذة نهى: التحية لك الأخ عروة ولجريدتكم الغراء التي دائماً ما توافينا بالأخبار الصادقة شكراً لكم.
بالإشارة لموضوعك الذي نشر في العدد 1581 الصادر الأربعاء يتاريخ 18 نوفمبر 2015م الموافق 5 صفر 1437هـ، أحييك على كتاباتك وتوخيك الحذر من الوقوع في مخاطر الكتابة، أنت تكتب بمهنية عالية فقط أعيب عليك الدبلوماسية الزائدة، فأنت تكتب وتناقش أمهات القضايا في السودان من اقتصاد وسياسة وإشكاليات الأحزاب وانقساماتها إلا أنك لا تحب أن تستخدم أسلوب النصيحة الحارة فهي مطلوبة في بعض الأحيان وأن المكمدات لا تؤدي إلى نتيجة أحياناً.
بالأمس تناولت قضية السودانيين في مصر في كبسولة وتقول حدثت في مصر تغيرات معلومة (أنظمة عسكرية ودمقراطية) في كلام مفاده أن المصريين لهم العذر فيما ذهبوا إليه وفعلوا بالسودانيين ونحن في محنة وكل الشعب السوداني يقوم بمعاملة المصريين الدونية للسودانيين، وأنت تتكلم بعيداً عما فعلوه بالسودانيين في المعسكرات من اعتقالات وضرب وإهانة وبعيداً عن مقتل الخمسة عشر سوداني واعتقال السودانيين في المركبات العامة، أنت في خضم هذه الإهانات تتكلم عن الشعبين الشقيقين وتتكلم عن استخدام الموارد بين البلدين والمصريين يحتلون حلايب من 1995م وحتى الآن وما زلت أنت ومن نهج نهجك ومن الذين يدينون بالولاء للمصريين تتكلمون عن الأشقاء المصريين بهذه الحميمية وهذه الحنية.
الأخ الكريم التاريخ الذي ورثناه من أجدادنا فيه دبلوماسية ولكن دبلوماسية مصالح وتبادل منفعة ولكن ما فائدة الدبلوماسية إذا كان غيرك يجني ثمارها؟
(نحن فعلاً شعب طيب ولكن معروف عننا الشجاعة وعدم المتاجرة في الكرامة) ومن هنا أوجه ثلاثة رسائل:
الرسالة الأولى للحكومة المصرية، على الحكومة المصرية أن تراعي أن السودان دولة كاملة السيادة بغض النظر عما يحدث بيننا نحن السودانيين في الداخل وأن تتعامل مع السودان على هذا الأساس.
الرسالة الثانية للشعب المصري، على الشعب المصري أن يعلم أن الاحترام متبادل إذا افتقد من الجانب المصري ستفتقدونه حتماً من السودان والسودانيين.
الرسالة الثالثة إلى الإعلام المصري، إن السودان ليس كما تتصورون وتصورون وإذا الأجهزة الإعلامية السودانية لم ترد شرف وكرامة السودانيين عبر أجهزتها سيصلكم السودانيون مشياً على الأقدام.
فلتسمع مصر من أكبرها إلى مولود اليوم وأخيراً أستعير عبارة الصحفي حيدر أحمد خير الله وأقول سلام يا وطني.
نهى العاقب بلال فضل الله ـ جامعة الخرطوم
مركز الدراسات الدبلوماسية
تعقيب : كل الشكر لك يااستاذة نهى فقد لمست بجرأة وصراحة قضايا كانت مسكوت عنها وآن ان نتحدث عنها فهى الأوفق لتضميد الجراح بين شعبين ودولتين خلقهما الله منذ الأزل متجاورين وسيظلان كذلك الى يوم القيامة. اولا صدقت فى قولك أننى اكتب بحذر وديبلوماسية زائدة وليست النصيحة الحارة المطلوبة فى مثل هذه القضايا ولكن ألم تسمعى قول الشاعر العربى ( ووضع الندى فى موضع السيف مضر كوضع السيف فى موضع الندى)؟ فهذه اليراعة فى يدى ان شئت صارت بلسما أو سيفا ذات حد أو علقما سما يرى عند التحدى كما قال شاعرنا الفذ أحمد محمد صالح. هذا بالضبط ما هو مطلوب فى حالة السودان ومصر ذلك ان حالتهما مثل حالة شعوب ودول كثيرة فى اوروبا مثلا تقاتلت وهى متجاورة لبعضها ثم تعلو الحكمة فيصلحان مابينهما لأجل مصالحهما الدائمة.. أنا لست عميلا لمصر ولعلك لا تعلمين أننى الان لا أستطيع السفر لمصر لأنى هاجمت نظامها القاتل لشعبه والمستبد سياسيا والظالم ومحتل لأرضنا وقضاؤها الفاسد الفاشل ولا أجد له عذرا قط كما ذكرت..رسالاتك الثلاثة يا أستاذة صحيحة تماما وقد قلتها لسفير مصرى سباق فى منزله أمام جميع رؤساء التحرير حينما دعانا ذات مرة وطفق ينتقد مقالا لصحفيةمشهورة كتبتها عنتصرفات غبية لصلاح سالم فى السودان بين يدى الاستقلال كانت أحد الأسباب لاختيار السودانيين للاستقلال بدلا عن الوحدة.. ورغم ذلك فمصالح شعبينا فوق العواطف كما قلت أنت بصدق ولكنها يجب أن تكون فوق التجاذب والتكاره لمصلحتنا جميعا وليعلم الجميع – وليكن ديدننا وشعرنا – (لا مصر بدون السودان ولا السودان بدون مصر) فهذا قدرنا.. وصدق الله العظيم: (وقل لعبادى يقولوا التى هى أحسن ان الشيطان ينزغ بينهم)..
الجريدة