خالد حسن كسلا : الجولة «10» بعد يوم «10» الساعة «10»

> شكل الحكم في البلاد وتوزيع الثروة القومية، هل هما قضيتان لم تحسما من قبل في نظر الحركة الشعبية قطاع الشمال ضمن اتفاقية نيفاشا.. أم أنها تريد أن تفاوض على تطبيق وممارسة هذه الاتفاقية؟
> والاتفاقية وقع عليها من جانب الحركة جون قرنق.. فهل أصبحت قيادات قطاع الشمال تحتقر قرنق كما احتقرته تراجي مصطفى ووصفته بأعلى صوت بأنه كان دموياً.. أم أن ما احتقرته هذه القيادات هو ما فعله قرنق؟؟
> قرنق وقع على اتفاقية مضامينها خلاصة مزدوجة لنقاشات حول شكل الحكم وتوزيع الثروة القومية وتوصيات أجنبية حملها وفد الحركة أيامئذ إلى قاعة التفاوض لإجبار وفد الحكومة للانصياع لها على أساس أنها شروط يمكن أن تتعثر بعدم قبولها المفاوضات.
> وتنازلت الحكومة.. وكان أخطر هذه التوصيات الأجنبية هي التوصية التي أملاها دانفورث على وفد حركة قرنق.. هي تثبيت أن «أبيي» سكانها دينكا نقوك وقبائل أخرى.
> ووفد الحكومة لأنه كان متفائلاً أكثر من اللازم.. وخشي البطش الأمريكي أكثر من اللازم لم يوقف سير التفاوض إلى حين إقناع القوى الأجنبية أمام المجتمع الدولي بأن دينكا نقوك في «أبيي» هم حفدة نازحين أو لاجئين فروا من حرب أهلية.. مثلما فعل لاحقاً بعض أبناء الجنوب الذين هربوا من نيران التمرد وسكنوا في مناطق شمالية آمنة مثل جبرونا غرب أم درمان.. فأجداد دينكا نقوك أجبروهم ايضاً على النزوح إلى «أبيي».
> وهنا نتساءل هل لم تكن نقاشات ومفاوضات الحركة الشعبية وتوصلها إلى اتفاقية سلام شامل كما توصف زيفاً كافية لمعالجة مشكلة الحكم وتوزيع الثروة القومية؟؟
> إذا لم تكن كافية رغم ما بذل فيها من جهود وصرف عليها من أموال فإن هذه الجولة العاشرة في أديس أبابا بين الحكومة ومن استأنفوا التمرد بعد انفصال الجنوب وما ستليها من جولات لن تكون كافية أيضاً.
> ولكن من يحدد عدم كفايتها للأسف ليس هم قادة التمرد.. إنما من ارتمى في أحضانهم هؤلاء القادة.. إنهم مخططو مشروعات التآمر في إسرائيل وواشنطون وكمبالا.
> وشعارهم الذي يعرفه المتمردون مثل جوع بطونهم هو أنكم لو استعجلتم التوقيع على اتفاقية مع حكومة خرطوم اللاءات الثلاث نستبدل متمردين غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم .
> وهذا الشعار قديم وطبقته القوى الأجنبية المتآمرة هذي مع جوزيف لاقو بعد أن وقع مع حكومة نميري التي قاد وفدها أبيل الير اتفاقية أديس أبابا 1972م.
> وكان جوزيف لاقو قد اعترف لاحقاً أن إسرائيل كانت تدعمه. لكن جوزيف أهدر دعم إسرائيل سدى بعد توقيعه على اول اتفاقية سلام.. وما كان الدعم الإسرائيلي حباً له.. وإنما كي لا يتوقف التمرد حتى تجني دولة الاحتلال كل الثمار المرجوة منه.
> وجاء قرنق وذهب.. ثم جاء عقار.. وإن ذهب قبل الحصاد اليهودي.. فإن ما سيتوصل اليه مع الخرطوم سيكون تحصيل حاصل بالنسبة للخرطوم.. لأن شعار القوى الأجنبية هو استبدال قوم متمرد غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم.
> والمقصود هنا هو ليس رفض الحكومة لتفاوض تحصيل الحاصل المجرب أكثر من مرة، بل عدم تكرار التنازلات القاسية التي سبق ان أسهمت في إضعاف عملية استرداد «أبيي» للسيادة الوطنية.
> والمفاوضات التي تستأنف الآن في أديس أبابا بالجولة العاشرة يراد فيها التوصل الى اتفاق يوقف العدائيات ويفتح الباب أمام وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين.. وهذا وحده يقف دليلاً على أن التمرد يعتمد على تأليب المجتمع الدولي على الحكومة بالحق والباطل أكثر من اعتماده على الضغط الميداني.
> وهذا يمكن أن تستفيد منه الحكومة ككرت تفاوضي يقيها من الشعور بالحاجة إلى تكرار التنازلات القاسية الهدامة.
> أما حركات دارفور التي بقيت في الميدان وتريد أن تقود الجبهة الثورية.. فهي الآن في أديس ابابا أوراقها مفروزة.. وهي بدون الحركة الشعبية تواجه مشكلة دعم تبحث عنه الآن في ليبيا عند حفتر.
> ولعلها تنتظر أن يخلو لها الجو باتفاق الحكومة وقطاع الشمال.. كي تستبدل بها إسرائيل مناوي وخليل إلى جانب عبدالواحد.
نلتقي بإذن الله غدًا

Exit mobile version