تصاعدت مؤخرا وتيرة المضايقات التي يتعرض لها السودانيون المقيمون في القاهرة بين تفتيش واحتجاز واعتقالات، حسبما أكدته السفارة السودانية بالقاهرة.
ونسبت السفارة أغلب هذه المضايقات للأمن المصري على ضوء تقارير وردتها ترددت أصداؤها داخل السودان من خلال تصريحات وتحليلات، لم تستبعد صلتها بخلافات حدودية وسياسية فرضت التوتر أحيانا على العلاقات الثنائية بين البلدين.
هذه العلاقات تنتظر فيما يبدو ما ستقوم به السلطات المصرية لتطويق أزمة مضايقات السودانيين المقيمين لديها درءا للأسوأ.
وبينما عبرت الصحف السودانية عن سخطها، وطالبت بالرد على تصرف الحكومة المصرية بالمثل، تجاهلت الصحف المصرية الحادثة وأوردت الأنباء في إطار الرد الرسمي الذي تضمن نفيا لأي عمليات ممنهجة ضد المواطنين السودانيين.
حلقة الجمعة (20/11/2015) من برنامج “الواقع العربي” ناقشت أوضاع ومشاكل السّودانيين المقيمين بمصر، على خلفية هذه الأزمة.
حول هذا الموضوع، يرى الكاتب الصحفي وائل قنديل أن العلاقات المصرية السودانية خاصة ومتميزة بين الشعبين، وهناك محبة حقيقية ودفء متبادل بين الشعبين.
وقال إن السودان قدمت الكثير لمصر عقب هزيمة يونيو/حزيران 1967، فعندما كان هناك استشعار للخطورة على طلاب الكلية الحربية في مصر نقلوا إلى السودان استعدادا لحرب أكتوبر 1973.
بين الرسمي والشعبي
واعتبر قنديل أن الأمر يرتبط بمن يجلس في منصة الحكم في كل من القاهرة والخرطوم، مشيرا إلى أن القاهرة حاليا لديها شعور عدائي لمن هم خارج المنظومة التي تصفق للنظام الحالي، والأمر يتعلق بمعاداة كل من هو ليس مصريا على طريقة الرئيس عبد الفتاح السيسي، حسب رأيه.
وكشف قنديل أن عدد السودانيين في مصر تراجع بعد الانقلاب بدرجة كبيرة، ويقدر حاليا بمئات آلاف يعيشون في القاهرة، مؤكدا أن الشعب المصري لم ينظر إليهم يوما كأجانب، بل كانوا جزءا من الحياة اليومية المصرية.
وختم بأن هناك فترات صعود وانحدار في العلاقة بين مصر والسودان، ومع انهيار مفاوضات سد النهضة عادت النظرة الاستعلائية المصرية للسودان، معتبرا أنها “لحظة فاشية” تمر بها القاهرة تجعلها تمارس هذا الجنون والصلف مع الأشقاء العرب.
من جهته، أكد الكاتب الصحفي محجوب فضل على خصوصية العلاقات التي تربط بين مصر والسودان، لكنه قال إن السودانيين يستشعرون على الدوام أن العلاقات تميل دائما في فوائدها إلى صالح الطرف المصري وفي مساوئها لصالح السودان.
استعلاء نخبوي
ومع تأكيده على عدم الرغبة في إثارة مرارات، أكد محجوب أن هذه ليست الحادثة الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، “فقد اعتادت النخب المصرية على الاستعلاء على السودان والسودانيين”.
وأضاف “نعاني كثيرا من المعاملات السيئة، ومصر الرسمية تريدنا دائما ألا نستقل بقرار في أي جزئية سواء سياسية أو عسكرية”.
وذكَّر محجوب بما قدمته السودان لمصر تاريخيا، قائلا “منحنا مصر قاعدة عسكرية في حلايب لحماية السد العالي من القصف وفتحنا المطارات للطائرات المصرية بعد نكسة 1967”.
ويرى أن مصر الرسمية في كل العهود تريد السودان تابعا لها في المنظمات الإقليمية والدولية، ولا تريد له أن ينفرد بقرار أو يستقل بموقف وإنما تريد منه خضوعا تاما لإرادة الحاكم المصري “وهذا ما لمسناه في عدة ملفات مثل الملف الأمني والمائي والملف الاقتصادي”.
الجزيرة