لما كانت الشقيقة مصر على أيام هيجان ثوراتها وميادينها المشتعلة، لما كانت تعيش بين جدليات ثلاثة رؤوساء، رئيس مخلوع وآخر معزول وثالث مرتقب، يومها هتف أحد الهزليين على حافة المشهد السياسي.. يسقط الرئيس القادم !!
* اليوم نحن في “بلاد النيل والشمس والصحراء” نعيش حالة دوار مماثلة ، ومواسمنا على تعددها وتنوعها تراوح جدلياتها، ففي قاعة الصداقة بالخرطوم حيث مواسم الحوار الوطني يقترب من طرح الأسئلة الصعبة، ينادي مناد بأن (الحوار ليس يعني المحاصصة الحزبية)، على أن بعضهم يفتأ يرسخ لمفهوم (إن تفكيك الأزمة رهين بتفكيك الحكومة)!! رؤية (البصيرة أم حمد) التي قالت بذبح العجل في بادئ الحل، ثم عادت فقالت بكسر الجرة فخسر القوم الجرة والعجل !! .. على أننا برغم كل المشاوير السياسية المرهقة، لم تغادر بعد نخبنا الفكرية مربع (من يحكم السودان) إلى سعة كيف يحكم !! .. ولم نفرق بعد بين أجندة الحكومة ومصلحة البلد العليا ، فكثيرون مستعدون (لتشليع) البلد إن كان هذا يضمن لهم الخروج بنصيب (كان دار أبوك خربت شيلك منها شلية) !!
*أما خبر نجاحنا في الذهاب إلى نسخة عاشرة من الحوار بأديس الإثيوبية، هذا يعني أننا نجلس على ركام تسع جوﻻت فاشلة، وعلى الأرجح أننا ذاهبون إلى إنتاج جولة عاشرة فاشلة لتصبح تلك عشرة كاملة !! فقطاع الشمال يفتأ يشتري الوقت حتى يتجاوز كل مصاعبه وإحباطات الجبهة الثورية ، ليعود بقوة ثانية على متن (صناعة السودان الجديد) !!
* موسمنا الرياضي هو الآخر وحتى كتابة هذا الموضوع بين (الإلقاء والتعليق)!! واتحادنا الكروي بين التجميد والانتخابات المبكرة !! وذلك غير جدليات الشارع الرياضي العريض المنقسم على نفسه!! حتى نظرية (يحلها الشربكها) لم تعد تجدي .. أننا لم نستطع تحديد الفئة الباغية حتى الآن !!
* وفي مونديال الموسم الزراعي، بروز أصوات في البرلمان تنادي (بتجميد) أو قل عزل السيد وزير الزراعة، حسب صحف الأمس، والموسم الشتوي بين جدليات النجاح والاستعداد الجيد، والفشل المبكر كما في إحدى الروايات الحادة !! .. برغم أن السيد الدخري وزير الزراعة الاتحادي يقول بأنهم لم (يدخروا جهداً) إنجاح الموسم !!
* ومن جانبي في هذه الزاوية المهمومة بالموسم الزراعي، فقد أنفقت مقالين باهظين عن البصل وحده، ولم نتجاوز مأتم البصل حتى تيتمت محصوﻻت أخرى .. ﻻ بواكي لها .. !!
فالمؤسف في (المونديال الزراعي) أنه فقد حتى قيمة البكاء عليه، فلم نجد من يقم على قارعة حواشاته (مأتماً وعويلا) !!
* انتبهوا .. هنالك جهات حاذقة جداً ومرتبة .. تسعى لإدارة جدل حول كل شيء.. كل شيء.. وترسيخ مفهوم (لم يكن بمقدور السودانيين بعد اليوم الاتفاق حول شيء).. أو إنتاج شيء ذي بال في أي مضمار أو حقل زراعياً كان أو رياضياً أو سياسياً..!! على أن المصير الذي يساق إليه السودانيون بغير وعي .. هو في نهاية المطاف إسقاط الدولة السودانية القديمة .. (دولة المهدي والميرغني) واليمين واليسار التقليديين، على أن تنهض على أشلائها (دولة السودان الجديد) المستحيلة)!!