«المسؤولية ثمن العظمة».. ونستون تشرشل!
إن رمت مثالاً على بؤس حالك كناخب ودافع ضرائب وموقعك المتدني كمواطن لا حول له ولا قوة في ذيل قوائم التقدير الإنساني – الذي تكنه حكومات العالم لشعوبها – فما عليك سوى قبول هذه الدعوة للتأمل في محتوى خبرين تزامن توقيت نشرهما، واختلفت ردود الأفعال والقرارات الرسمية الصادرة – أو غير الصادرة – بعد شيوع كل منهما!
وكالة الأنباء الصينية قالت إن هيئة رقابية من طرف حماية المستهلك اكتشفت وجود عفن مسرطن في فول سوداني وزيت طهي بإحدى المدن في جنوب البلاد، الأمر الذي أحدث قلقاً شعبياً عارماً.. لاحظ معي أن القلق الشعبي العارم قد حدث وتفاقم – حتى – بعد إعلان الشركة المنتجة عن تدمير المنتجات التي ضبطتها تلك الهيئة الرقابية ..!
لكن القلق في المجتمعات التي تحترم إنسانية المواطن شعور»استباقي» يستشرف الخطوات المستقبلية اللازمة والتدابير اللازمة لعدم تكرار ذات الخطأ، يكفي أن تطل مثل تلك الأخبار برأسها، يكفي أن يعرب المواطن عن قلقه حتى تعلن حكومة بلاده الحرب على مصادره، وهذا أمر- على فكرة! لا علاقة له بنجاح الحوار الوطني أو استتباب الديمقراطية، بدليل أننا نتحدث عن الصين التي حظرت شبكة الانترنت حينما استشعرت بوادر معارضة سياسية ..!
ولكن أي حكومة تحترم إنسانية شعبها تقر بأنها المسؤولة عن معايير السوق في البلاد، وأن سياساتها هي التي تدعم عدالة العلاقة بين المنتجين والتجار والمستهلكين، وأن قوانينها لا بد أن تتضمن نصوصاً صريحة بشأن سلامة المنتجات الغذائية «التغليف .. الأوزان .. مقاييس الجودة .. نسب الوفرة بالأسواق .. إلخ ..» والأهم أن موقفها هو الذي يجبر الشركات على احترام قوانين حماية رعاياها المستهلكين ..!
الهيئة الرقابية في الصين عثرت على نسبة من المادة المسرطنة تزيد أربع مرات عن المستويات المسموح بها في الفول السوداني وزيت الطهي، في ثلاثة متاجر فقامت قيامة التجار والمنتجين، وجن جنون المستهلكين، وشمرت الحكومة عن سواعد الجد والعمل .. فما الذي حدث في بلادك؟!
في السودان اتهمت الجمعية السودانية لحماية المستهلك – قبل فترة – بعض الجهات المعنية بعدم الاستجابة لمحاذيرها بشأن القضايا التي تهم صحة المواطن، وحذرت الحكومة من جهل المزارعين و المستهلكين والسياسيين بخطورة المادة المسرطنة في محصول الفول السوداني، وقالت إن حبة الفول الواحدة يمكنها أن تلوث ثلاثين كيلو، وأن نسبة الإصابة بالفطريات في محصول الفول السوداني بالبلاد قد بلغت في – بعض المشاريع – نسبة سبعين بالمائة، ونوهت إلى الانخفاض الهائل في صادرات البلاد من الفول السوداني.. فماذا فعلت تلك الجهات المعنية..؟!
لا شيء! .. أما لماذا فلأنها تتعامل مع تقارير جمعيات حمايتك كمستهلك بأذنها فقط، فالالتفات إليها لن يخدم شيئاً سوى صحة بدنك، وسلامة غذائك، وحماية أموالك.. وما الذي قد تجنيه حكومة بلادك من التعب في تأمينك وحمايتك ؟! .. لا شيء يحصى، أو يعد، أو يسهل إيداعه في بنوك المال .. لذاأنت بلا ثمن ..!