لا تدهشوا مما يقترفه النظام الانقلابي الجاثم على صدر مصر هذه الأيام في حق السودانيين الباحثين عن العلاج أو السياحة في القاهرة، فذلك هو التصرف الطبيعي من نظام السيسي الذي بات يتصرف كالملدوغ أو كالذي يتخبطه الشيطان من المس لا يدري ما يفعل بل بات يشن الحرب على نفسه بارتكاب ما يعجل برحيله.
نعم ، أقولها بملء فيّ أن اقنعوا تماماً من انصلاح العلاقة بين السودان ومصر في ظل نظامها الحالي، وفي ذات الوقت اطمئنوا أن نظام السيسي إلى زوال إذ لا حياة للمنتحر ولا نجاة لمن يحارب الله ورسوله والمؤمنين.
أقول هذا بعد أن اطلعت على احتجاج سفارة السودان بالقاهرة على المعاملة القاسية التي يتلقاها السودانيون هذه الأيام في مصر من تفتيش ومصادرة أموال واعتقالات واضطهاد قرر النظام المصري فجأة ممارسته على السودانيين بدون أدنى مبرر وبدون توضيح لما يقوم به في حق أبناء السودان دون غيرهم من شعوب العالم.
النظام الطاغوتي في مصر يعيش حالة من الرعب ويحسب كل صيحة عليه وكل إنسان متهم حتى إن ثبتت براءته، فبعد التقتيل والترويع والسجن والتضييق الذي طال عشرات الآلاف من أبرياء وأطهار مصر نساء ورجالاً واطفالاً والذي لم يفرز إلا مزيداً من الاحتقان السياسي والضعف الاقتصادي والتخبط في إدارة الدولة، سيما بعد الانهيارات الأمنية في سيناء ومناطق مختلفة من البلاد، ثم الإخفاق الأمني في شرم الشيخ الذي تسبب في حادث الطائرة الروسية وقضى على السياحة التي تعتبر أهم مورد اقتصادي للدولة المصرية [(15) مليار دولار] ..بعد كل هذا الفشل تزايد شعور النظام بالخوف المرضي الذي جعله يخبط كما العشواء ويتصرف كالمجنون ويتوهم أن السودان يضمر شراً به ويتآمر عليه.
قبل ذلك أجرى النظام المصري انتخابات في حلايب السودانية وأوعز لإعلامه الفاجر أن يشن حملة شعواء على السودان وشعبه ورأينا نماذج من قلة الأدب والبذاءة قل نظيرها في تاريخ العلاقة بين الدولتين.
بالرغم من أنني مقتنع بضرورة إقامة علاقة استراتيجية مع مصر تصب في مصلحة الدولتين وتجعل منهما قوة كبرى إلا أنني مقتنع كذلك أنه لا مجال لإقامة هذه العلاقة في ظل النظام الحالي الذي قزّم مصر وحطّ من قدرها بين الأمم، ولذلك فإن على الحكومة السودانية أن تعيد النظر في العلاقة العرجاء وغير المتكافئة بين الدولتين، فنحن في عالم لا يحترم سوى الأقوياء، وذلك ما يدعونا لأن نطلب من الحكومة أن تعطل أو تجمد اتفاقية الحريات الأربع الموقعة مع مصر والمطبقة من طرف واحد هو السودان، ولعل مما يجعلنا نشعر بالهوان أن يتراص السودانيون في طلب التأشيرة أمام القنصلية المصرية بينما يعامل المصريون معاملة السودانيين ويدخلون أرضنا ويعيشون في مدنها وريفها كما يدخلون ويعيشون في القاهرة.
إننا نطلب من الحكومة السودانية أن تنتصر لشعبها ووطنها بتحريك ملف حلايب لدى المنظمات الدولية حتى تعلم القاهرة أنها الخاسر الأكبر في أي تردٍ للعلاقة بينها وبين السودان.
لا ندعو إلى الحرب لكننا ندعو إلى عدم التفريط في التراب السوداني، فها هي إثيوبيا تحتل جزءا من أرضنا وتتحرش بمواطنينا في الفشقة، وها هي منطقة أبيي لم يحسم أمرها مع دولة جنوب السودان، فهلا أولت الحكومة سيادتنا على كامل التراب السوداني اهتماما أكبر؟
لا أجد سبباً البتة في هذا التغافل عن الأرض السودانية فإذا لم تراع حكومة مصر مشاعر السودان وشعبه وهي تقيم انتخابات في أرض تعلم علم اليقين انها ليست من حقها فما الذي يجعلنا نتقاعس عن المطالبة بحقنا سيما وأن الخرط البريطانية المؤيدة للحق السوداني أظهر وأوضح من الشمس في رابعة النهار؟.