المفارقة التى تناقلتها مجالس السياسة فى اليومين الماضيين، أن نائب رئيس الحزب الإتحادى الديمقراطى علي محمود حسنين إلتقى فى القاهرة موخراً الصادق المهدى رئيس حزب الأمة القومي مرتين. وفى الوقت نفسه، فشل فى لقاء رئيس حزبه مولانا محمد عثمان الميرغني، الذي عاد الى البلاد أمس مخلفاً خلفه الكثير من الأحاديث والحيثيات التى تشير الى اتساع شقة الخلاف بين الرجلين.
«لا يوجد خلاف بيني وبين السيد محمد عثمان الميرغني لا في الماضي ولا في الحاضر ولا في المستقبل»، هكذا حسم علي محمود حسنين الشائعات التي تتحدث عن وجود خلافات بينه ورئيس الحزب فى وقت سابق.
وفى وقت سابق كذلك، أكد حسنين غير مرة أن غيابه عن الوطن الذي أمتد لشهور عديدة غير متواصلة تخللتها عودته عدة مرات، لا يخرج عن الإطار الشخصي والأسري غير انه لا مانع أن يصاحب ذلك -قليل- من النشاط السياسي من خلال عقد لقاءات مع قيادات مصرية أو شخصيات حزبية سودانية موجودة بالقاهرة فيما يتصل بموقف الإتحادي من مجمل القضايا المطروحة بالساحة السياسية.
والتطمينات التي ساقها حسنين من منفاه الإختياري، بحسب وصف كثير من المراقبين،لا تعدو كونها نوع من فقاعات كلامية سرعان ما تختفي رغم أن الهدف من ورائها إخفاء الصراعات التي تعتمل داخل الصدور، ويتم التعبير عنها بشكل عكسي في بيض الصحائف.
والعنوان البارز لخلافات حسنين ومولانا الميرغني بحسب كثير من المراقبين يعود لدواع تنظيمية متعلقة بإدارة الحزب وأخرى سياسية فرضتها شخصيته الرافضة لأية صيغة تحالفية مع ما يصفه بالأنظمة الشمولية، وبحسب مقربين من حسنين فإن أية صيغة تحالفية مع المؤتمر الوطني تعد ضرباً من ذلك الباب الأمر الذي يفضل عوضاً عنه المعارضة السياسية حيث أتضح ذلك جلياً في الإستقالة التي تقدم بها من كتلة التجمع الوطني فى البرلمان على خلفية خلافات بينه وأحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس .
وفي السياق، قال مصدر إتحادي مطلع لـ (الرأي العام) إن خلافات الميرغني ونائبه وصلت لطريق مسدود ومفترق طرق، وعلى حسنين حسم خياراته والتي حددها المصدر في الخروج عن الحزب إنتصاراً لمواقفه الرافضة لسياسات ومواقف الميرغني أو البقاء في ظل الأجواء الضبابية التي تكتنفه.
وقال المصدر إن الميرغني ينظر الى حسنين بعين الشك والريبة، على خلفية تاريخه السابق في الوطني الإتحادي ونشاطه في الهيئة العامة، الأمر الذي أدى بالميرغني لتكوين هيئة قيادة للحزب من آل بيته لتنوب عن المكتب القيادي والسياسي في آن واحد بهدف إقصاء حسنين.
واتهم عثمان عمر الشريف القيادي بالإتحادي (الأصل) ، خصوماً لم يسمهم بالسعي لزرع الفتنة بين زعامة الحزب وقياداته وقال: علاقة حسنين والميرغني (سمن على عسل) ودلل على ذلك بإن حسنين كان حاضراً في آخر إجتماعات الحزب وأضاف حتى أنه لم تستجد أحداث جديدة بالساحة ربما تكون مصدراً للخلافات وأوضح أن غياب حسنين كان لدواع شخصية تتعلق بمتابعة علاج ابنته المريضة.
وأكد الشريف إتفاقهم ورؤية حسنين الرافضة لمبدأ مشاركة المؤتمر الوطني وقال: مبادئ الحزب شديدة الوضوح تجاه موضوع المشاركة في صيغة الحكم الحالية التى جاءت كنتاج لمشاورات مع أحزاب التجمع وتحقيقاً لما تقتضيه المصلحة العامة.
وبالنظر الى تاريخية السجال بين الميرغني وحسنين، نجد أنها ضاربة الجذور، فقد انشق الأول ومعه الحاج مضوي عن الثاني، بل ذهبوا لأبعد من ذلك بخوضهم إنتخابات الديمقراطية الثالثة تحت لافتة الوطني الإتحادي ومن ثم عادوا الى الحزب الإتحادى عقب إنقلاب الإنقاذ.
والسجالات لم تتوقف عند هذا الحد، فشهدت سطراً جديداً عبر محاولة ثانية بدايات الألفية بإنشاء حسنين وآخرون لتيار الهيئة العامة، ومن ثم مغادرته والإنضمام لركب مؤتمر المرجعيات الذي عقده الميرغني بالقاهرة عبر وساطة من شيخ أزرق طيبة مما مثل دليلاً دامغاً على تقلب العلاقة بين الرجلين.
وأعرب المصدر الإتحادي عن ثقته في إنحياز حسنين لتيار الوطني الإتحادي كونه يمثل أشواقه في عودة حزب الوسط الليبرالي لمكانه التليد وكشف عن اتصالات مكثفة لأجل عودة حسنين- لما أسماه- موقعه الطبيعي تقديراً لأدواره النضالية السابقة وآمال عريضة في لعب دور أكبر على مستوى السودان كونه يمسك بتلابيب المشكلة السودانية.
غير ان عثمان عمر الشريف نفى أن يكون نائب الميرغني بصدد مغادرة الأصل لأي من أفرع الحزب الأخرى وقال: هذي أماني من بعض الأفراد والمجموعات التي تدعي الإنتماء للحركة الإتحادية بغرض (تكبير الكوم) من خلال إستقطاب الكوادر النوعية.
ويبدو أن محاولة قراءة ما يضمره حسنين من الصعوبة بمكان، ذلك بسبب تناقض تأكيده الوفاء لحزب الميرغني في الحالات كافة، ومواقف ماضوية له بدأت بذات الصورة وأنتهت في خواتيمها بتلويحة للوداع.
مقداد خالد :الراي العام