حماد صالح : عثمان فضل الله ..عملاق فى وطن قزم

الصحفى الاستاذ عثمان فضل الله والكاتب بصحيفة البيان كان يتم استضافته فى برنامج بعد الطبع المقدم من قناة النيل الازرق وكنت حريصاً جداً على متابعة البرنامج عندما يكون الصحفى والمحلل السياسى المستضاف هو عثمان فضل الله وطبيعة البرنامج هى أن يتناول مختلف قضايا الساعة سياسية واجتماعية وثقافية ورياضية فكان الاستاذ عثمان فضل الله يبهرك فى كل مجال يتناوله فالرجل يقدم تحليلاً سياسياً عميقاً وتجده ملم بالقضايا العامة سوا كانت اجتماعية أو رياضية أو ثقافية المام العالم المثقف وتتمنى الا يسكت لبراعته وعمق ثقافته واسلوب تناوله للقضايا , وهو شخص بسيط فى هيئته وبسيط فى تعامله مع الناس لا يكابر ولا يجامل فاذا اعجب بشيئ فان ما على قلبه على لسانه واذا طلب منه الادلاء برأى أدلى من غير مجاملة وهو شخص لا يدعى الثقافة وهو فارسها ولا يدعى المعرفة وهو حارس بوابتها ولا يدعى المنطق وهو سيده ’شخص كهذا نادر فى زمن يعج بالمثقفاتية وأدعياء الفهم تجدهم يصولون ويجولون فى القنوات وفى الصحف ويتكلمون فى كل شيئ ولا يتورعون من نقد أعلامهم وكبرائهم وما ذلك الا لجهلهم وقلة عقولهم وسفاهة أحلامهم يكتبون الروايات وهم ظمأى وينتحلون الكتابة هم اميون ويتحدثون عن الاعلام وهم جهلاء ويتمشدقون فى الدين وهم سطحيون.
الوطن ليس قزماً ولكن تم تقزيمه ابحث فى كل البرامج فى قنواتنا الفضائية تجد مقدمون جهلاء وضيوف أكثر جهلاً لا نستفيد شيئاً فنلجأ الى البرامج الترفيهية وقنوات الأغانى’ أصبحنا خوءاً فى كل شيئ فالبرامج السياسية يسيطر عليها السلطان والضيوف موالون للسلطان فيأتى باهتاً فارغاً تجده يمجد السلطان وهكذا بقية البرامج يتحدثون فيها اناس لا علم لهم ولا عقل لهم فتجدهم يتمشدقون ويلوكون الكلام حتى تكاد أن تضرب التلفاز بالريموت من شدة الغيظ وأكثر مثالاً البرامج الدينية التى يستولى عليها متفيقهون أبغضوا الناس حتى فى دينهم يخرج الكلام من أطراف ألسنتهم وقلوبهم مزابل فلا تشم الا الرائحة النتنة حتى لو قرأ قرآناً فتتمنى أن يسكت هذا اذا لم تقفل التلفاز .
’ فى زمن غابر كان يوجد فى حينا شاب فكان اذا قرأ القرآن تتمنى الا يسكت من عذوبة صوته ونظافة قلبه وهذا يذكرنى بقصة للحسين بن منصور الحلاج حيث مر برجل يقرأ القرآن فقال له الحلاج (يمكننى أن أقول مثل هذا ) فبهت الرجل ووشى بالحلاج وهذه الواقعة حتى يومنا هذا يستدل بها الجهلاء على كفر الحلاج ولكن فى حقيقة الأمر تدل على علم الحلاج واخلاصه وقوة يقينه والمعنى أن القرآن اذا سمع من فم منافق لا تطيقه الآذان ولا تستصيغه بل تنفر منه وهذا الذى قصده الحلاج بأن الذى تقوله ليس قرآناً وربما كان الحلاج فى حالة جذب فلم تعجبه قراءة الرجل لآيات الله ونفس الأمر حدث مع أبا يزيد البسطامى حيث أمر أحد جلساءه بأمر ما فما كان من الرجل الا أن وقف وقال سبحان الله ’ فقال له أبا يزيد قولك سبحان الله شرك لأنك عظمت نفسك ونزهتها أن تفعل هذا الأمر فانظر يا هذا كيف انقلب تسبيح الله من حسنة يجازى عليها الى سيئة يعاقب عليها (يتكلم العبد بالكلمة ولا يلقى لها بالا فتهوى به فى جهنم سبعين خريفا). الحديث
ربع قرن ونحن نرضع فى النفاق من اعلام النظام المقروء والمسموع والمرئي وكانت النتيجة عقول فارغة وشباب خليع لا يهتمون الا بالموضة وساقط الفن وانحطاط فكرى وصل الى الدرك السحيق’ وتفسخ مجتمع وانحلال اخلاقى واندثار قيم .
, ربع قرن ونحن نرى لقطاء فكرياً وثقافياً ودينياً حتى داخل الأحزاب المعارضة وما هم الا مسخ مشوه من زعمائهم وما ذلك الا أنهم رضعوا من ثدى من اغتصب السلطة فتراهم لا يحترمون كبراءهم ولا أباءهم الفكريين فيكيلون لهم الذم من غير أن يرمش لهم جفن فى حالة نادرة من العقوق وكل همهم الشهرة ’يقرأون كتب لا تزيدهم الا تضخماً فيظنون أنهم أفهم من اساتذتهم .
فمثل الاستاذ عثمان فضل الله كهلال العيد لا يطل فى السنة الا مرتين فكيف لشبابنا أن يستفيد منه ومن أمثاله.
اننا نكرر دعوتنا للمعارضة أن تنشئ قناة فضائية مستقلة لا تهتم بالجانب السياسى فقط انما بكل الجوانب دينية ورياضية واجتماعية وثقافية وفنية علنا نستطيع أن ننقذ أجيالاً قادمة من فضاءات الجهل والنفاق.
أخيراً استاذى عثمان فضل الله لك حبى واعجابى
حماد صالح

Exit mobile version