واقعة كسر بنك النيلين

* هنالك مقولة مأثورة للشاعر محمود درويش، بأن الشعر الفلسطيني يحتاج لبعض الوقت حتى يُنقى من الحجارة، فالشاهد أن القصيدة الفلسطينية بعد الانتفاضة قد رصعت واحتشدت بمفرده الحجارة !!
* أستدعي هذه العبارة بين يدي لافتة إعلانية ضخمة على سفح جسر القوات المسلحة من جهة الخرطوم، اللافتة تفتأ تبشر بخدمات ومزايا بنك النيلين فرع أبوظبي، لفتت نظري إحدى عبارات الإعلان وهي تقطع بأن هذا الفرع المصرفي في أبوظبي (لكسر) الحصار الاقتصادي المفروض على السودان، أو قريباً من هذه العبارة !!
* لحسن حظ بنك النيلين أن سعادة الفريق شرطة خلفان نائب شرطة أبوظبي لم يطلع على هذا الإعلان، وهو الجنرال الذي نهض أصلاً (لكسر شوكة الإسلاميين) وتصفية مؤسساتهم !! سيما تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة في هذه اللحظة التاريخية الحليف الإستراتيجي للرئيس السيسي في معركته ضد “الإخوان المسلمون” ومحاربة كل الحكومات ذات الجذور الفكري الإخواني !!
* السودان لم يصدق أن أصبح الكتف بالكتف والحافر بالحافر مع الجيوش الخليجية في تضاريس اليمن، كما لو أن العناية الإلهية قد أرسلت عبد الحكم الحوثي بتلك الثورة الحمقاء، فعلى الأقل بعد ذلك الجفاء الطويل ما إن عاد الرئيس البشير أمس الأول من الرياض ليعلن اليوم في الخرطوم أنه غادر إلى المملكة العربية السعودية، ويقرأ ذلك مع تدفق مبلغ مليار وثلاثة أرباع مليار دولار من السعودية لم تجف أخبارها وأحبارها بعد !!
* ليس لكاتب هذا الإعلان الثوري ذنب سوى أن عقله الباطن مشبع بمفردات المرحلة !!
* والشي بالشئ يذكر، لم أجد تفسيراً يومئذٍ ﻻقدام أحدهم على إطلاق اسم (مطعم الجهاد) على مطعمه بشرق النيل، وتساءلت إن كان الأكل هنا بنية التقوى للجهاد.. أم هذا المطعم يعتبر قبلة للمجاهدين !! .. ﻻ هذا وﻻ ذاك .. لم يكن سوى محاولة من صاحبه لمجاراة ما يحدث حوله في الساحة من مصطلحات وأدبيات !!
* إخوتي في مجموعة بنك النيلين العريقة، مع كامل الود والاحترام، فنحن يفترض أننا ﻻ نسعى إلى كسر عظم أحد، بقدر ما نجتهد في أن نجد لنا موطئ قدم بين الآخرين، على أن يتم ذلك ببذل المزيد من عبارات (جسر التواصل) التي وردت في جزء من الإعلان حتي أكون منصفاً.
صحيح أننا قد نهضنا تحت وقع “أمريكا روسيا قد دنا عذابها ” .. غير أن مشروعنا أتصور أنه قد تجاوز مرحلة “المراهقة الفكرية” إلى مرحلة الرشد والعقلانية… يفترض .. والحال هذه .. أن تتجاوز مؤسساتنا هي الأخرى مفردات المقاومة “والكسر” حتى ليجبر مشروعنا ويعبر شعبنا اقتصادياً.
والله ولي التوفيق…

Exit mobile version