خيبة أمل كبيرة وشيوع نظرية المؤامرة في أوساط المصريين بعد إعلان روسيا عن تعليق رحلاتها إلى مصر، والذي جاء بعد وقف بريطانيا رحلاتها لشرم الشيخ. ووصل حد الخيبة أن كتبت جريدة “المصري اليوم” في المانشيت: “حتى أنت يا بوتن”.
لاقت التصريحات التي صدرت عن وزير الخارجية البريطاني والرئيس الأمريكي، والتي رجحت فرضية سقوط الطائرة الروسية بقنبلة، صدى كبيرا وأدت إلى انقسام حاد في مواقف المصريين خاصة بين الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها المعارضون دليلاً جديداً على فشل السياسة الداخلية، التي أدت إلى تصاعد الإرهاب في مصر. في حين خوّن آخرون الفريق الأول، واعتبروا أن ما يحدث عبارة عن “مؤامرة كونية” من الدول الغربية والتي وصفها بعضهم بـ”أعداء الخارج”، الذين لا يريدون الخير لمصر.
وقال الإعلامى مجدي الجلاد “الدنيا مقلوبة على مصر وضد مصر، بمعنى أن أعداء مصر تحالفوا وتجمعوا فى مرحلة جديدة من الحرب ضد هذا الوطن”، لافتا إلى أن القائمين على الحكم وإدارة أمور البلاد يعلمون أن الاستهداف الحالى فى مصر بعد سقوط الطائرة الروسية مقصود ومرتب وهو مرحلة جديدة من حرب طويلة جداً. وأضاف الجلاد، خلال تقديمه برنامج “لازم نفهم” والمذاع على فضائية “cbc extra”: “الولايات المتحدة وبريطانيا وتركيا وقطر وعدة دول مختلفة مثل ألمانيا وغيرها، بدأت الحرب عقب ثورة 25 يناير 2011”.
أما الإعلامي مصطفى بكري، فقال في برنامج “حقائق وأسرار” على فضائية صدى البلد:”هناك مؤامرة كونية من أجل إسقاط الدولة المصرية والتصالح مع جماعة الإخوان الإرهابية.. هناك ابتزاز يمارس ضد مصر”. بينما رأى فريق آخر من المصريين، بعضهم من المعارضين للسيسي؛ أن سحب بعض الدول لرعاياها يأتي في إطار خطة مدروسة لوضع شبه جزيرة سيناء تحت الإشراف الدولي.
وأدت فكرة المؤامرة إلى تدشين بعض المؤيدين لهاشتاج #انا_مع_مصر ردا على سحب بعض الدول لرعاياها، حيث قالت الناشطة إسراء عبد الفتاح: “لا يوجد خلاف بيني وبين بلدي.. الخلاف علي سياسات فاشلة والاعتراف بالخطأ أول طريق التصحيح والنجاة”.
وكتب الإعلامي خالد صلاح رئيس تحرير جريدة اليوم السابع على صفحته في تويتر “أنا مع مصر.. نحن فى أزمة كبيرة ومحنة هائلة ومالناش غير بعض دلوقتي. كتف بكتف مع الدولة المصرية. كتف بكتف مع الرئيس السيسي، كتف بكتف لحد ما نعدي بمصر”.
وذهب إلى القول إن “داعش وغيرها من الإرهابيين تمويلهم وتسليحهم ومعاونتهم استخباريا تأتي من نفس البلدان، التى تقطع رحلاتها اليوم عن بلادنا”.
وبدورها، تبنت بعض كبريات الصحف المصرية نظرية “المؤامرة الدولية” على مصر بسبب إجراءات بعض الدول سحب سياحها من مصر، فمانشيت جريدة الجمهورية “الحكومية” كان: الشعب يتحدى المؤامرة.. ومصر لن ترضخ للضغوط؛ أما مانشيت جريدة الوطن “الخاصة”: مصر تتحدى إرهاب الغرب، أما مانشيت جريدة الشروق: استياء مصري من “مواقف الأصدقاء”.
وهاجم صلاح من شمتوا في حادث سقوط الطائرة للتأكيد على فشل سياسة مكافحة الإرهاب قائلا “كلاب الإرهاب شمتانين فى مصر وبيعايروا الدولة المصرية. دي مش خيانة، ده كفر”.
في نفس الوقت، قوبلت فكرة “المؤامرة على مصر “بالاستنكار من جانب بعض النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بينهم الإعلامي الساخر باسم يوسف.
باسم يوسف يواجه تهمة “الخيانة”
وتحت هاشتاج #مايصحش_كده، سخر باسم يوسف قائلا “بوتين المتآمر عميل الغرب كلب أوباما، أمر بوقف الرحلات الروسية لمصر؟”.
وكان الرئيس السيسي قد أعلن في الأول من نوفمبر الماضي عن غضبه من أحد الإعلاميين الذين انتقدوا موقفه من غرق محافظة الإسكندرية في مياه الأمطار قائلا “أحد الإعلاميين بيقول الرئيس قاعد مع شركة سيمنز وسايب إسكندرية بتغرق، عيب مايصحش كدا، بحس الناس دي ولا عارفة أي حاجة. المرة الجاية هاشتكيكم للشعب”، وأدى هذا التصريح إلى موجة غضب لدى بعض الإعلاميين.
وفي ذات السياق، دشن نشطاء هاشتاج بعنوان #مايصحش_كده، وما لبث أن أصبح الأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي واستخدمه المصريون في رصد أخطاء الرئيس السيسي والتعليق على توابع حادث سقوط الطائرة الروسية.
لكن باسم يوسف ووجه بسيل من السباب واتهمه البعض بـ”الخيانة والعمالة لأمريكا وأنه يكره بلده”، فكتب تغريدة يستنكر فيها هذه الاتهامات “نحن وصلنا إلى درجة أن لما الواحد يهاجم بوتين يُتهم أنه شمتان في البلد؟ طب ازاي؟”.
ووجه حديثه لمهاجميه قائلا “بدلا من أن تمسكوا في تويتة؛ امسكوا في الإعلام اللي غاسل دماغكم ومفهمكم إن بوتين واقف جنبنا”.
وغرد الناشط وائل عباس قائلا “انتم زعلانين ليه ان انجلترا بتأفور يا جماعة؟ ماهم معذورين معندهمش شماعة الإخوان زينا يستعملوها كل ما تحصل مصيبة؛ وشعبهم واعي ومش بيصدق”.
وعلق بعض النشطاء على حادث سقوط الطائرة بأنه نتيجة لفشل السياسة الداخلية لنظام الرئيس السيسي وقالت الدكتورة رشا عبدالله أستاذة الإعلام بالجامعة الأمريكية على تويتر “هو بجد ازاي الناس مش حاسة أن البلد بتطربق على دماغنا كلنا؟!! أفيقوا يرحمكم الله!”
السيسي والأزمة
ويرى أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة، أن رد الفعل الغربي والروسي كان “مستغربا من جانب بعض المصريين، لأنه لم يتم الانتظار لحين صدور تقرير اللجنة الفنية المنوط بها التحقيق في سبب سقوط الطائرة، كما أن رد الفعل الغربي كان مختلفا عن أزمات أكثر خطورة كما حدث في متحف بوردو في تونس الذي قتل فيه عدد من السياح الفرنسيين، فلم يحدث ترحيل جماعي رغم أن الحادث كان أخطر لأنه كان مباشرا، بعكس حادث الطائرة، الذي لم يثبت بعد أيا من الفرضيات المطروحة.
وقد كان من الممكن أن تطالب مثلا بإيفاد لجان لتفقد الحالة الأمنية في المطارات، لكن سحب السياح وخروج هذه التصريحات أثارت الذعر وبالتالي أتت فكرة المؤامرة”.
وأشار نافعة لـDW عربية إلى أنه من السابق لأوانه تحديد مدى تضرر أو استفادة نظام السيسي من أزمة الطائرة الروسية، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذا يتوقف على مدى تعامل النظام مع الأمر.
لكن نافعة يؤكد أنه إذا ثبت أن الطائرة أسقطت بفعل إرهابي، فهذا لن يكون في صالح نظام السيسي، أما إذا ثبت أنها سقطت لسبب آخر أو بفعل مخابراتي لإحدى الدول، فسوف يلتف الناس حوله وسيخرج من الأزمة أكثر قوة ويؤكد “نظرية المؤامرة”.
DW