> هذا اليوم التاريخي.. الذي سيُسجل في «التاريخ الالكتروني» لو جاز التعبير بحروف يرسمها «كيبورد» نشهد فيه بفندق كورال بالخرطوم افتتاح ورشة «الجريمة الالكترونية» التي تقيمها أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية باستثناء ثلاث دول.. اثنتان من أعضاء الأمم المتحدة وهما المملكة المغربية وإريتريا.. والثالثة غير معترف بها وهي جمهورية أرض الصومال «شمال الصومال».. رغم ما تنعم به من أمن واستقرار ورفاهية وديمقراطية تنعدم في الدولة الصومالية التي عاصمتها مقديشو.
> وإريتريا نفسها ليست عضواً متحمساً بالاتحاد الإفريقي لأن مقره أديس أبابا وهي لها مشكلتها المعروفة مع اثيوبيا. أما المملكة المغربية فلم يسرها موقف الاتحاد الإفريقي من قضية الصحراء الغربية وأنشطة جبهة البوليساريو رغم أن هذا الملف تُعقد له الجلسات للمناقشات في نيويورك.. وقد عقدت أكثر من مرة.
> غياب هذه الدولة الثلاث من ورشة الجريمة الالكترونية بالتأكيد يبقى كسباً كبيراً لأصحاب الإجرام الالكتروني، فهم يستفيدون من فضاءات ثلاث دول ترفض اثنتان منها التعاون الإقليمي لمكافحتها.. والثالثة وهي جمهورية أرض الصومال وعاصمتها هرجيسا هي أصلاً بطغيان دولي غير معترف بها لأنها آمنة ومستقرة وديمقراطية. وكأنما تنتظر واشنطن نسف الأمن والاستقرار فيها وإسقاط الديمقراطية وسيطرة المجاعة كي تعطي الأمم المتحدة التي تحمل أوراقها تحت إبطها الضوء الأخضر لعضويتها أسوة بالدولة التي تسببت في انهيارها مثل جنوب السودان.
> «الرأس الاخضر» اسم دولة غير معروفة.. وهي ليست من المشاركين في هذه الورشة المعنية بمكافحة الجريمة الإلكترونية.. وكانت مشاركتها لكسب فرصتين.. أن يعرفها العالم وأن تملك أدوات وقاية من «الجريمة الإلكترونية» على كل المستويات التي ستناقشها الورشة «العالمي والمجتمعي والفردي»
> لقد انتقلنا بالتكنولوجيا إلى عالم افتراضي وأبت الجريمة إلا ان تنتقل معنا.. فنجدها في ثوب جديد مواكب. إنها «الجريمة الالكترونية» جريمة القرن الواحد وعشرين.. صديقة جاهلية القرن الواحد وعشرين.
> ومحمد قطب حينما ألّف القرن الماضي كتابه «جاهلية القرن العشرين» قبل ثورة تكنولوجيا المعلومات.. فإن مضمون الكتاب إذن يستحق أن يتطور بقلم عالم آخر يحدّثنا أيضاً عن أن الجريمة الالكترونية كيف تخرج من رحم جاهلية القرن الالكتروني.
> أجيال قادمة هي الآن صبية وأطفال لابد أن ينتظرهم عمل إقليمي وقائي لمكافحة منابع الجريمة الإلكترونية.. ونتمنى أن تصل معرفة إجراءات الوقاية إلى شعوب هذه الدولة الأربع الغائبة عن الورشة.. فشعوبها ـ وأغلبهم مسلمون ـ أيضاً ينتظر أطفالهم وصبيتهم إجرام الكتروني.. فلابد أيضاً ان تنتظرهم إجراءات الوقاية الالكترونية.. من هذا المرض الالكتروني الذي يهدد جسد التكنولوجيا ليحولها إلى معاول هدم أمن واقتصاد وأخلاق الشعوب. ويمكن ان تستخدمه واشنطون وتل ابيب في مشاريعهما التآمرية.
> الآن حان الوقت لانتقال المؤسسات في الدول الإفريقية الى هذا العالم الافتراضي حتى لا تصول وتجول فيه الجرائم المعلوماتية في مأمن من المراقبة والتشريعات والملاحقات القانونية. فما دام ان هذا العالم الافتراضي يتمدد في فضاء كل الدول كان حري بالاتحاد الافريقي ممثلاً بأجهزة الأمن والمخابرات الافريقية «سيسا» ان يهتم بدراسة كيفية إجراءات الوقاية من الجريمة الالكترونية وكيفية وضع التشريعات والعقوبات للجناة وتعويضات المجني عليهم
> تأتي أهمية ورشة مكافحة الجريمة الالكترونية التي تنطلق اليوم وتستمر يوم غد وبعد غد من ان نوعية هذه الجريمة عابرة للحدود.. ويمكن ان يكون الجاني في دولة أقصى شمال القارة والمجني عليه في أخرى أقصى جنوبها.. وبتقوية التنسيق الإقليمي والدولي في مجال تبادل المعلومات وتنفيذ العمليات المشتركة لمكافحة الجريمة الالكترونية يمكن ان تضاف هذه الجهود إلى قوائم تبادل المصالح وتبادل دفع المفاسد المشتركة بين الدول الافريقية
> إذن تهدف الورشة إلى مصادقة الدول على اتفاقية أمن الكمبيوتر الموقعة في يونيو 2014م لإدخالها حيز التنفيذ. لكن يبقى الخوف من «التآمر الالكتروني» المتوقع من واشنطن بتأثير يهودي ومن الكيان اليهودي في فلسطين بدعم امريكي.. فهما في المؤامرات الدولية وجهان لعملة واحدة.
> ونتمنى من القائمين على أمر الورشة أن يقنعوا الدول الغائبة الثلاث «الرأس الأخضر والمغرب واريتريا».. بالإشتراك في هذه الجهود حتى لا تكون في فضاءات دول افريقيا مجالات لمرتع الجريمة الالكترونية، فقد يكون بعض الجناة من هذه الدول.
> أما جمهورية أرض الصومال التي عاصمتها هرجيسا فيمكن استيعابها في هذا المشروع الإفريقي العظيم استثناءً لتغطية كل الفضاءات الإفريقية.
«غداً نلتقي بإذن الله»