يُعلق، سوداني اسمه عباس محمد، على خبر أورده موقع يومية (الشرق الأوسط) اللندنية أمس الأربعاء 4 نوفمبر، عن توقيع حكومتي السودان والسعودية على أربع اتفاقيات تنموية متنوعة، بما يلي: ” أتمنى أن تقوم السعودية بالإشراف التام على المشاريع المذكورة، والاتعاظ بما حصل للمعونة الإماراتية للمتضررين بالسيول. حيث إن المواد التموينية المُتبرع بها، لم تصل إلى مُستحقيها وتم بيعها في السوق”.
تعليق عباس هذا، لم يأت من بين تجاويف الهواء، إذ له ما يسنده في الواقع، فقد أوردت الصحف المحلية (الخرطومية) حينها، أخباراً وتحقيقات عن تسرب الأغاثة من مواد غذائية وخيام إلى الأسواق، وأن بيعها كان يتم علانية وجهراً دونما خشية أو وجل.
مثل هذا التعليق، يكشف عن انفراط الثقة وربما غيابها بين المستهدفين من أي مشروع تنموي والجهة المنوط بها تنفيذه (الحكومة)؛ لجهة غياب الرقابة الصارمة ومبادئ الشفافية والمحاسبية؛ الأمر الذي يسهم في تفشي الفساد ويسهل اختلاس المال العام، حتى أصبحت المشروعات التنموية صيداً سهلاً لـ(حرامية المال العام)؛ الأمر الذي يؤدي إلى انتهائها إلى أوضاع مُزرية وفشلها فشلاً ذريعاً، وتدميرها قبل تعميرها.
وها هما الحكومتان السودانية والسعودية توقعان أربع اتفاقات؛ الأولى إطارية حول ما يسمى المشروع الطارئ لمعالجة العجز الكهربائي والمتمثل في محطة كهرباء البحر الأحمر (ألف ميغاواط) مع الخط الناقل، والاتفاقية الثانية تسمى بمشروع إزالة العطش في الريف السوداني، والثالثة تمويل سدود (كجبار، الشريك ودال)، والرابعة هي اتفاقية شراكة في الاستثمار الزراعي في ما يُسمى بمشروع أعالي عطبرة.
بطبيعة الحال، فإنه علينا أن نتفهم دوافع (عباس محمد)، للطلب من السعودية الإشراف المباشر على تنفيذ تلك المشروعات، والوقوف عليها بنفسها على تلك المشروعات الضخمة والحيوية، فالرجل لا يريد أن يُلدغ الوطن من ذات (جحر) الفساد مرات ومرات.
لكن، دعونا أن نترك عباساً وشأنه، ونأتي مرة واحدة على كل شئ، ونتساءل: أين كهرباء سد مروي؟ أين مياه الأمطار والأنهار والخيران والآبار، حتى نطلب من السعودية أن تساعدنا في الكهرباء والماء؟ ثم ألم تقل الحكومة إنها دشنت كجبار سداً مائياً وكهربائياً منيعاً، فلماذا تطلب تمويله الآن؟ وهل معنى ذلك أنها سوف تطلب لاحقاً دعماً خارجياً لتمويل سد مروي الذي صدعت بها رؤوسنا، وقالت عنه ما يقله أبو نواس عن الخمر؟
أشعر أحياناً أن تعليق أحد ظرفاء المدينة على خبر الاتفاقيات الأربع، كان صائباً، عندما قال: غايتو الاتفاقيات دي إلا يتعاملوا زي الانتخابات، يجيبوا ليها رقابة دولية، وطفق يعدد ….. إلى أن انتهى به العد إلى صندوق تنمية الشرق، فأصابته (هاء السكت فسكت)، على حد قول بشرى الفاضل.