محمد لطيف : رئيس لجنة الأمن.. مهدد أمني

أقول دون تردد إنني وبعد يومين فقط من أدائه القسم واليا للخرطوم اقترحت على الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين أن يعلق المعاملات كافة في أراضي ولاية الخرطوم حتى يتبين موقع خطاه في دهاليز الولاية.. لم يكن في ذهني أكثر من أن ملف الأراضي شائك ومعقد.. ومثير.. وأن ثمة فترة انتقالية لابد منها.. ولعل الوالي تريث حتى لمس بنفسه ما يستدعي اتخاذ القرار.. وبعدها بفترة وجيزة اتضح أن جهات كثيرة تمارس ضغوطا كثيفة على الوالي للتراجع عن قراره.. وكل هؤلاء وهؤلاء.. يبحث عن حجج ومبررات يعزز بها ضغوطه.. أو بالأحرى يكسو بها ضغوطه ويلبسها ثوب المنطق والمصلحة العامة.. غير أن أحدا منهم لم يتحدث عن زيادة السكن العشوائي نتيجة لتلك القرارات.. بل العكس هو الصحيح.. فكل ما فهمه الناس من قرارات الوالي حول الأراضي مقروءة مع رؤيته المعلنة حول الأمر.. أن عهد تقنين السكن العشوائي قد انتهي وأن الولاية لن تسمح لنفسها بالانصياع لضغوط سماسرة الأراضي بفرض المجمعات السكنية العشوائية التي إعتادت أن تفرض هي المخططات السكنية لولاية الخرطوم..!
ولسبب من هذا كان غريبا ما نسب للواء أحمد التهامي رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني حول هذا الموضوع فنقرأ بغير قليل من الدهشة: (حذر رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان أحمد التهامي، من حدوث احتكاكات ومواجهات بالريف الشمالي بأم درمان بين ملاك الأراضي وأصحاب الحيازات بسبب قرار والي الخرطوم الذي منع بموجبه الاستثمار في الأراضي الزراعية والسكنية).. ثم تزداد دهشتك حين تقرأ رأي السيد النائب في المسؤولين.. وقد كان واحدا منهم حتى وقت قريب.. فالمنسوب إليه يقول إنه وجه انتقادات لمسؤولين واتهمهم بالكذب على المواطن والغرق في الاجتماعات غير المجدية..!
ثم تبلغ تصريحات التهامي قمة الهستيريا حين يقول إن قرار الوالي جمد استثمارات عدد من الخليجيين بالعملات الصعبة.. إضافة إلى أنه أتاح فرصة للتمدد العشوائي.. وبافتراض أن قرار الوالي قد جمد استثمارات الخليجيين بالفعل.. فالسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: ما هي علاقة نائب برلماني بل رئيس لجنة الأمن بالبرلمان بالمستثمرين الأجانب..؟ ثم.. هل يعقل أن السكن العشوائي قد تمدد في بضعة أسابيع لمجرد قرار قال إنه بصدد إعادة تنظيم معاملات الأراضي..؟ ولعل السؤال الأهم من كل هذا سيكون عن الجهد الذي بذله رئيس جهاز حماية الأراضي السابق بالخرطوم حتى قبل بضعة أشهر فقط.. لإزالة العشوائيات؟.. وما هو النجاح الذي أصابه فأفسده عليه قرار عبد الرحيم؟.. وعلى ذكر سابق عهد التهامي بالمسؤولية أو بالأحري بالمناصب.. فقد تحدث الرجل ضمن ما تحدث.. عن (معاناة مواطني الريف الشمالي في الحصول على الكهرباء والمياه، ولفت إلى تفشي السرطان بينهم، وأكد انهيار مساحات من أراضيهم الزراعية بسبب انحسار النيل شرقاً وتلف معدات الري، ما جعل أراضيهم من الجزيرة اسلانج إلى السروراب جدباء قاحلة وطاردة).. هل يعقل أن يكون هذا حديث معتمد سابق لأم درمان تحديدا دون غيرها..؟ ما الذي فعله هو في عهده للحيلولة دون هذه الكوارث التي اكتشفها فجأة..؟ أم أنها كلها قد حلت في عهد الوالي الحالي؟
وأخيرا.. ماذا يعني حديث السيد رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان حين يحذر من (حدوث احتكاكات ومواجهات بالريف الشمالي بأم درمان بين ملاك الأراضي وأصحاب الحيازات بسبب قرار والي الخرطوم الذي منع بموجبه الاستثمار في الأراضي الزراعية والسكنية).. ألا يعني ذلك تحريضا مباشرا للمواطنين.. وتبريرا مبكرا لهم لفعل ما يشاءون..؟ فالسبب جاهز.. أليس هذا ما يسمى في القانون.. تهديد الأمن والسلامة العامة..؟ فمن يحاسب رئيس لجنة الأمن حين يهدد الأمن؟

Exit mobile version