وقال المتفيقه الذي نصب نفسه ناطقاً (دينيا) باسم الشيخ الترابي بعد أن حكم بـ(نسف) كل الأحاديث النبوية متهكماً من عذاب القبر الذي ورد في عدد من الأحاديث الصحيحة (وهل هناك أحد في هذه الدنيا كلها قال لكم إذا حفرنا القبر سنجد بداخله جنة أو نار)؟ ..ثم قال في مكان آخر مخاطبا الصحافية التي حاورته : (لو حفرت القبر لن تجدي غير عضام ودود في الحفرة دي وهناك أحاديث عن ثعبان أسود وثعبان أقرع وضرب وكلام غريب)! ووصف الرجل ذلك بالخرافات بالرغم من أنه قال كذلك إن عذاب القبر شيء معنوي!
وهكذا يتواصل تطاول الرجل بل سخريته من السنة والحديث النبوي ومن كل الأمة منذ عهد الصحابة رضوان الله عليهم وتابعيهم وتابعي التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الناس هذا باعتبار أن كل هؤلاء (مخرفين) وجهلة في انتظار شيخه الترابي ليزيل خرافاتهم وأباطيلهم وجهلهم ويمضي (الحوار) المتيم بشيخه والذي كان قد وصف الترابي بأنه نبي زمانه وأنه شخصية استثنائية لم تتكرر منذ صدر الإسلام الأول ليغامر بصورة الترابي ورمزيته في نفوس الناس بدلا من أن يترك الترابي يعبر عن قناعاته ورؤاه الفقهية بنفسه، بينما الترابي وشيوخ حزبه لا يبالون تاركين هذا المتفيقه يهرف بما لا يعرف غاضّين الطرف عما يحدثه ذلك الكلام الخطير من تأثير سالب وبلبلة وتشويش على تدين الناس .
عندما تم تداول هذا الحوار في بعض مجموعات الواتساب علق بعضهم بالسؤال : وهل إذا فككت مسامير جهاز راديو أو هاتف أو تلفزيون هل ستجد المذيعين والمتحدثين الذين يخاطبون الجمهور أم انك ستجد أسلاكاً وقطعاً كهربائية داخل تلك الأجهزة، وهل ما يمكن أن يحويه القبر إلا كما يحوي جهاز التلفاز أو المذياع أو الهاتف أو غير ذلك ؟!
كان ذلك رداً مبسطاً على هذا المتطاول الذي لا يعترف في هذه الدنيا إلا بالأجسام المادية (العضام والدود) متجاهلا حقيقة أن اليقين الذي يؤتاه المتقون يقوم على الإيمان بالغيب لا على (العضام) المادية التي يراها من يحفر القبر ولا يرى ما وراء ذلك من غيبيات لا يعلمها إلا الله ومن ملائكة ومن شياطين بل حتى من عالم مادي متناهي الدقة لا نرى بعضه إلا بالمايكروسكوب، بل إننا لا ندرك منه إلا ما تراه أعيننا المحدودة زماناً ومكاناً بينما الكون يتمدد عبر مليارات السنوات الضوئية من حولنا.
من قال لكم أيها الماديون عبيد العقل البشري المحدود إن العذاب يطول هذه العظام ولا يطول الروح التي تغادر إلى مكان لا يعلمه إلا الله العلي الكبير، ومن قال لكم إن العذاب لا يطول هذا الجسد داخل القبر بطريقة علمها عند ربي قد لا نراها بقدراتنا التافهة لكن الله العزيز الجبار يراها؟
إنها مشكلة من ينصبون عقولهم البشرية المحدودة حكماً على قيوم السماوات والأرضين ..إنها مشكلة من يستدركون على الله ورسوله رغم أنهم أحقر من أن يمسكوا أجسادهم من النوم أو من التبرز والبول الذي يعافون رغم أنه خارج من أجسادهم بعظامها التي ستتحول من حال إلى حال بمجرد أن تفارق الروح الجسد وتغادره إلى عالم آخر ريثما تعود إليه في مكان وزمان لا يعلمهما ألا علام الغيوب.
ليت هؤلاء الماديين يدركون أن اليقين في دينهم لا يقوم إلا على الإيمان بالغيب وأن قدراتهم المحدودة تقوى إن منحت جزءاً مما منح لعالم رباني في ملك نبي الله سليمان أن تخترق حواجز الزمان والمكان فتأتي بعرش بلقيس في أقل من طرفة عين وأن تقوى على سماع صوت نملة مذعورة خافت من أن يحطمها سليمان وجنوده وهو ما لم يتوافر لعلمنا في قرننا الحادي والعشرين الذي يتطاول بعض متفيقهيه ويحكمون عقلهم الصغير في ملكوت السماء والأرض ..ليتهم لو علموا شيئاً من علم سيدنا إبراهيم الخليل وهو يتأمل في الملكوت الأعلى ليخرجوا من نفق عقولهم المظلمة ومادياتهم الصغيرة إلى رحاب العلم اللدني ويوقنوا بالله رب العالمين (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) صدق الله العظيم
ونواصل غداً بإذن الله.