خالد حسن كسلا : قناة الخرطوم.. والجنرال «جون» و«التّني»

> لو كانت قناة الخرطوم واحدة من مؤسسات القطاع الخاص التجاري، لكان يمكن أن يضع كل من يرى أن ظلماً واقعاً عليه من منسوبيها مظلمته أمام موظفي مكتب العمل لتحسين بيئة العمل بما يليق بالاصطاف العامل.. وسلطات العمل بعد ذلك يمكن أن تراجع ما استوجب مراجعته.
> والمظلمة أو أية شكوى حينما توضع أمام مسؤول حكومي رفيع مثل محمد يوسف الدقير، تتبع القناة لوزارته.. فهل لا يمكن أن يغض الطرف عن شاشة القناة التي يضيئها في منزله ومكتبه.. فهو يجد القناة ذات إخراج ممتاز لبرامجها التي تتميز في بعضها عن القنوات الأخرى.
> وعلى ذلك لا يكون النظر إلى أية شكاوى وإنما يُبنى تجديد الثقة في إداراتها العليا أو الإدارة العامة لهيئة إذاعة وتلفزيون الخرطوم.
وبالفعل قام مجلس إدارة القناة برئاسة وزير الإعلام والثقافة والسياحة بولاية الخرطوم بتحديد الثقة في مدير عام الهيئة الأستاذ عابد سيد أحمد.
> لكن اذا كانت الثقة في حنكته الإدارية، فهذا لا يعني أن تتجاهل حكومة الولاية قضية مطلوبات القناة المتمثلة في زيادة الدعم نظراً لتدني قيمة العملة الوطنية.. فاذا كانت قائمة أسعار الإعلانات ترتفع تعرفتها في إدارة الإنتاج التجاري تماشياً مع هبوط قيمة العملة الوطنية، فإن الدعم بالمقابل أيضاً ينبغي أن يتماشى مع هذا السبب.
> السيد المدير جدير بتجديد الثقة فيه.. لكن الى متى «يحزّموه ويلزّموه»؟! أما كفى أكثر من خمسة أعوام حمل فيها على عاتق إدارته ورثة ثقيلة من الديون والمطالبات والمطلوبات ليتعرّض في بعض الأحايين لهجوم ممن يجهلون أسرار المشكلة؟!
> نبارح تجديد الثقة في الزميل الصحافي الاستاذ عابد.. لكن نقول لحكومة الخرطوم «أخوك لو بقى ليك عسل تلحسو كلو» . وبعد تجديد الثقة بقي أمام حكومة الخرطوم زيادة الدعم لتجديد وتوفير معينات القناة التي يوحي اسمها بأنها قناة الدولة الرسمية مثل التلفزيون القومي.
> والقناة ما دام إنها تسهم في الإيرادات المالية للدولة، فهي تستحق بجدارة زيادة الدعم.. فهل سعر الإعلان الآن كما كان قبل أربعة أعوام؟!
وهل تقبل حكومة الولاية بأن تعود القناة ممثلة بإدارة الإنتاج التجاري الى أسعار ما قبل أربع سنوات؟ فالسبب الذي وقف وراء زيادة سعي الإعلان يقف أيضاً وراء المطالبة بزيادة الدعم ـ فتأثير التضخم النقد وتدني العملة شامل.
> ومنطق الأشياء يدعو أولئك الذين جددوا الثقة في المدير العام للهيئة للنظر في إمكانيات القناة المادية والفنية.. فهي لا تعتمد «التجنيب» طبعاً.. حتى تدعم نفسها بنفسها. وكان الرئيس البشير يخاطب احتفال بفتح معسكر تدريب الشرطة أُنشئ بمال التجنيب حيث قال:«اذا كان التجنيب وراء مثل هذه الإنجازات فجنبوا».
> لكن قناة الخرطوم أو هيئة إذاعة وتلفزيون الخرطوم لا تجنب.. فقط تنتج البرامج والإعلانات التجارية.. ويطول انتظارها للدعم من حكومة الولاية. فهي هيئة صبورة ومستورة. فلتنظر إليها حكومة الولاية بعين الحرص والاهتمام لأنها المؤسسة الإعلامية الأولى والأكثر تأثيراً.. ولأنها مسكونة بالإبداع وتخشى الضياع.
الجنرال «جون» و«التّني»
> يحكي لنا هذه الأيام أستاذنا احمد البلال الطيب في زاويته نقطة نظام بصحيفته «أخبار اليوم» عن إطلاق وثائق سرية إسرائيلية حول المشروع الصهيوني في جنوب السودان.
> أهم ما جاء في الوثائق هو أن إسرائيل كانت تخطط لانفصال جنوب السودان منذ العام 1955م.. أي قبل رفع علم الاستقلال.
> وطبعاً هذا يعني أن إسرائيل أرادت بغباء شديد جداً أن تضعف السودان كدولة عربية مسلمة بالأغلبية حتى لا تساند دول «الطوق» في الضغط على الكيان الصهيوني. ودول الطوق هي طبعاً مصر ولبنان وسوريا والأردن. وكانت مصر أقوى عدو في دول الطوق.
> لكن هل المقصود بالانفصال في حد ذاته أم حرب طويلة لتقرير المصير لتنهك الحرب هذي قوة السودان الاقتصادية وبالتالي العسكرية؟!
> المقصود طبعاً حرب طويلة لا تفضي في وقت قريب إلى انفصال حتى لا تتوفر للسودان فاتورة الحرب المكلفة بعد الانفصال.
> وهذا ما حذر منه يوسف مصطفى التني حينما رأي أن الانفصال ينبغي أن يكون مع رفع علم الاستقلال يوم 1/1/1956م حتى نبدأ بناء وطن مستقل حر غير منشغل بقضية خاسرة.. فتأخير الانفصال يُكلف.
غداً نلتقي بإذن الله

Exit mobile version