«لا أعلم بأي سلاح سيحاربون في الحرب العالمية الثالثة، لكن سلاح الرابعة سيكون العصي والحجارة» .. ألبرت أينشتاين!
تناقلت وسائل الإعلام البريطانية – الأيام الماضية- حكاية سبعة من رجال الشرطة في لندن، تم فصل ثلاثة منهم بينما قدم أربعة آخرون استقالتهم بعد أن أثبت التحقيق عليهم تهمة إساءة السلوك أثناء القيام بالواجب «لعبوا البوكر وشاهدوا التلفاز خلال ساعات الدوام الرسمي».. لاحظ معي أن الفصل هنا هو إجراء وقائي.. يعني على طريقة تجنب وقوع الأزمة وليس إطفاء الحرائق بعد حدوث المصائب.. والنتيجة تجنب وقوع الكوارث بتحقق خوف الشرطي من المساءلة الصارمة قبل التفكير في اقتراف الخطأ ..!
أما وسائل الإعلام السودانية فقد تداولت قبل فترة – فضلاً عن حوادث إساءة استخدام بعض النظاميين لأسلحة العمل الرسمية – فاجعة وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة رابع بجروح خطيرة نتيجة إطلاق جندي نظامي أعيرة نارية في أثناء مراسم حفل زواج بمحلية كرري تعبيراً عن ابتهاجه بالحدث.. ثمن ابتهاجه الباهظ ذاك كان مقتل شقيق العريس وخالته وصديقه، بينما أصيبت إحدى صديقات العروس بجروح خطيرة ..!
تلك الحادثة المؤسفة هي جزء من سلسلة حوادث خطيرة وقعت – ولا تزال – بعد أن انتشرت ظاهرة النيران الصديقة ? أو نيران الأهل والأصدقاء في المناسبات السعيدة إن شئت الدقة – والتي تحيل الأفراح أتراحاً في ثوان معدودات .. ولست أدري ماذا فعل الله بتدابير الحكومة التي لا نراها تحرك ساكناً يذكر، مع أنها تفعل – وبسرعة البرق – في كل ما يتعلق باستحداث الرسوم وفرض الجبايات ..!
في الأردن- أكثر الدول العربية تعرضاً لأخطار هذه الظاهرة- سجلت على مدى السنوات الأخيرة مائة وستة حادثة مرتبطة بإطلاق النار ابتهاجاً، تسببت بوفاة خمسة أشخاص وإصابة سبعة وخمسين آخرين .. بينما تجاوزت نسبة الوفيات جراء هذه الظاهرة في السودان – وخلال عام واحد – مثيلتها في الأردن خلال سنوات .. فكم تساوي عند هذه الحكومة حياة كل هؤلاء الضحايا..؟!
إلى أي ثغرة في هذه القوانين يطمئن ويمارس هؤلاء المستهترون كل هذ الاستسهال والاستهتار وبكل اطمئنان؟! أين معايير ترخيص السلاح وأين ضوابط استخدامه؟! هل تدرك السلطات أن هؤلاء الذين يطلقون الرصاص الحي في الهواء في أثناء الحفلات يكون بعضهم في حالة سكر؟! هل درست خطورة رجوع هذا الرصاص المسكوب إلى الأرض قبل أن ينطلق بنفس السرعة ممزقاً أجساد الأبرياء..؟!
لا بد من إصدار قانون صارم يقضي بملاحقة كل من يطلق النار في الأعراس بتهمة الشروع في القتل في حال عدم حدوث إصابات، وبتهمة القتل العمد – وليس القتل الخطأ – في حال حدوث وفيات جراء إطلاق الرصاص .. باعتبار أن الموت في مثل هذه الأحوال يكون نتيجة راجحة وليست محتملة!!
والآن ماذا تنتظر الحكومة لوأد هذا الخطر المحدق ؟! أن يتم تدبيج قانون فتتعثر إجازته بعد عدة مساجلات بين نائب رافض وآخر مؤيد ..؟! .. لماذا لا تتخذ من التدابير الفورية والحاسمة في هذه الظواهر ما يوزاي سرعة قراراتها الصاروخية بشأن استحلاب الرسوم وفرض الجبايات..؟!