أزمة الموسم

دخلت كرة القدم السودانية في نفق شديد الظلام بعد أن حقق ناديا القمة الهلال والمريخ نتائج باهرة وضعتهما ضمن أفضل أربعة أندية في القارة الأفريقية.. وهي نتائج كانت تستحق الاحتفاء بها والتقدير من القائمين على أمر الرياضة في البلاد، من اتحاد عام كرة القدم ووزارتي الشباب الاتحادية والولائية معاً.. ومن رئاسة الجمهورية التي يمثل أي انتصار لفريق كرة قدم سوداني مفخرة لها.. وتشجيع رئاسة الجمهورية للناديين الكبيرين مطلوب حتى اليوم وغداً.. ولكن واحدة من مقعدات نهضة بلادنا (الخلافات) الشخصية وغياب العدالة واستغلال أجهزة العدالة لتحقيق المآرب الشخصية. وقبل نهاية الموسم الرياضي بأسبوعين تفجرت قضية نسفت كل إشراقات الموسم الماضي.. وقد تمتد آثارها لسنوات قادمات إذا بلغت القضية نهاياتها بتطبيق القانون على فريقي الهلال والأمل عطبرة، بفرض عقوبات عليهما بالهبوط من الدرجة الممتازة إلى الدرجة الأولى، وحرمان الهلال من التمثيل الخارجي في العام القادم.. تلك هي نصوص القانون الذي ينتظر تطبيقه على الهلال والأمل عطبرة بعد فشل لجنة المساعي التي شكلها وزير الرياضة للبحث عن (مخرج) لأزمة لا حل لها، إلا عن طريق تنازل الاتحاد العام عن فرض عقوبات على نادي الهلال مقابل مشاركة الهلال في نهائي كأس السودان، واعتبار الهلال خاسراً للمباريات الثلاث التي تبقت له في البطولة.. في الوقت الذي لوح المريخ بتمسكه الشديد بالقانون واللائحة التي تذهب بالهلال للعب في دوري الأولى بعيداً عن الممتاز.
ردة فعل الهلال حتى الآن لم تتعد (الملاسنات) التي لا تليق برئيس الهلال ومقامه، وهو يتحدث عن قادة الاتحاد الرياضي في حشد جماهيري بإستاد الهلال الأسبوع الماضي، وكان يمكن أن يذهب الهلال بقضيته في مسارين.. خارجي وداخلي.. للضغط على الاتحاد بشدة وإرغامه على اتخاذ مواقف معتدلة بعد أن تبين للرأي العام تحيز الاتحاد ضد بعض الأندية، وسعيه الدءوب لينال فريق المريخ بطولة الممتاز لهذا العام من أجل (خلق) توازنات بين القطبين الرياضيين، حيث اتسع فارق البطولات المحلية بين الهلال والمريخ في السنوات الأخيرة.. وسعى الاتحاد لاستعادة نقاط مباريات فقدها المريخ في الملعب بكل من عطبرة وكادوقلي، من خلال لجان الاتحاد وتحت الطاولات.. الهلال كان متاحاً له تقديم طعون قضائية في الأحكام الصادرة ومناهضة قرارات الاتحاد في القضاء الوطني، وصولاً إلى المحكمة الدستورية خاصة في قضية لاعب الهلال كادوقلي (طونق)، ومن شأن الطعون القضائية تعطيل النشاط الرياضي مؤقتاً.. ولكن نادي الهلال اختار التصعيد الإعلامي.
المسار الخارجي كان يمكن للهلال اللجوء إلى (الفيفا) للطعن في أهلية اثنين من قادة الاتحاد الرياضي، “مجدي شمس الدين” و”أسامة عطا المنان”، لنشاطهما السياسي في حزب حاكم في السودان، هو الحزب الاتحادي الديمقراطي، وبجمع قادة الاتحاد الرياضي بين عضوية المؤسسة التشريعية في البلاد، وهما جزء من الحكومة وبين إدارة الشأن الرياضي. و(لجنة أخلاقيات) الرياضة في (الفيفا) تنص في لوائحها صراحة على حظر ذلك، وتخير القيادات التي تعمل في الاتحادات الوطنية بين التنازل عن عضوية المجالس التشريعية أو الاتحاد الرياضي. غير أن هذا الطريق يحتاج الى إنفاق مالي بتعيين محام دولي لتولي الملف. ولإدارة الهلال تجارب فاشلة في هذا (المضمار) وقضية اللاعب بكري المدينة ليست ببعيدة عن الأذهان.. ولما بلغت القضية الآن طريقاً مسدوداً وداهم الزمن لجنة المساعي الحميدة، فإن الخيارات أصبحت أمام الجميع محدودة جداً.. الاتحاد العام لكرة القدم إذا ما أقبل على اتخاذ قرارات تبعد الهلال من الدرجة الممتازة، فإن ذلك سيؤدي في العام القادم لإضعاف البطولة وكساد لعبة كرة القدم ويضرب خزائن الاتحاد الرياضي جفاف مالي يجعله غير قادر على تسيير الرياضة، إلا بدعم حكومي كبير جداً.. ويمتد غياب الهلال عن الساحة للمريخ نفسه، الموعود بكؤوس محلية، ولكنه قد يتعثر خارجياً لضعف الدوري الممتاز في غياب الهلال وانصراف الجماهير عن متابعة كرة القدم.. أما الهلال فإنه مقبل على عام صعب جداً، ودوري الأولى لا يحتاج لمحترفين أجانب ولا لمدرب يكلف خزائن النادي عملات صعبة.. وقد يواجه “الكاردينال” عاصفة من المعارضة الشعبية في مقبل الأيام، تجعله يغادر أسوار النادي بالاستقالة.. ولكن ثمة ضوء في آخر النفق (بتدخل) نائبي الرئيس “بكري” أو “حسبو”، واتخاذهما قرارات حاسمة خلال يومين لمعالجة الملف الرياضي قبل فوات الأوان.

Exit mobile version