حلقت الطائرة المقلة لجثمان الفقيد ايداهور في سماء الخرطوم متجهة الى بلاده نيجيريا برفقة عدد من أعضاء مجلس ادارة نادي المريخ بقيادة متوكل احمد علي ولاعبين الى جانب ممثل الهلال العمدة سعد وكابتن الفريق والمنتخب هيثم مصطفى وكان مجلس المريخ قد ألغة مراسم التشييع الخاصة التي كان مقرراً لها التحرك من ملعب النادي بأم درمان وحتى مطار الخرطوم.
وكانت أسرة الفقيد قد أكملت استعداداتها لاسقبال الجثمان لدى وصوله مطار بنين مسقط رأسه التي تبعد حوالي 200 ميلاً شرقي مدينة لاغوس، في الوقت الذي كان فيه والد ايداهور يستمع بدهشة الى أرملة ابنه وهي تكشف له تلك الملابسات العجيبة التي اكتنفت موت زوجها ايداهور.
طاف بذهن ساندرا أمر دفع الى كيانها ألماً عظيماً وهي تستعيد ما ذكر لها من وقائع انتحار طفل سوداني يبلغ من العمر احدى عشرة عاماً بمنطقة الخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية في رد فعل مؤسف على رحيل زوجها لاعب المريخ ايداهور الذي توفي داخل الملعب، الامر لم يحزن ساندرا فحسب انما بين لها أيضاً مدى تعلق تلك الافئدة اليافعة بحب ايداهور، كانت اسرة الطفل أحمد عجبنا قد روت الحادث المؤسف عندما قال والده: ان ابنه مولع بحب المريخ وايداهور، وكان متابعاً للمباراة منذ بدايتها، وأصيب بحالة نفسية سيئة في اعقاب نقل ايداهور للمستشفى وبعد خبر الوفاة بكى بكاءً حاراً، ونام والدموع في عينيه وحينما استيقظ في الصباح كانت عيونه متأثرة من البكاء، وهو يدرس بالصف الرابع، وكان مولعاً بالكرة ورفض الذهاب للمدرسة تأثراً برحيل اللاعب، وأوضح أن شقيقته اكتشفت الحادثة المؤلمة عندما وجدته شانقاً نفسه داخل الحمام، وهو مرتدياً زي فريق المريخ، الذي كان يتمنى اللعب له، وكان يقول دائماً، انه يتمنى أن يكون مثل ايداهور.
كل تلك الخواطر كانت تهز كيان ساندرا وهي تنظر الى طفلتيها وهن يداعبن جدهن ما انبأها أنهن لا يدركن حجم الفاجعة أو معنى اليتم وايفاءً لوعدها بدأت تتحدث ساندرا وهي في ذلك العلو وبين طيات السحاب تضم الى صدرها والد زوجها الراحل وما ان بدأت تتحدث اليه حتى فغر فاهه دهشة، فقات وعبرة مسفوحة تعيق لسانها غير أنها تمكنت وقالت: الخمر الخمر يا أبي هي التي قتلت محبوبنا ايداهور.
قال لها وهو لا يصدق ما كانت تقوله: لا لا أصدق مثل هذا الهراء ابني لم يكن يقرب الخمر.
أنا زوجته وأعرف عنه الكثير ولطالما حذرته بأن لا يقرب الخمر لأنها لا تناسبه كرجل رياضي وستتسبب في اعتزاله مبكراً.
ولكن يا عزيزتي الخمر لا تقتل هكذا فجأة.
صدقني الكحول هي المسئولة عن وفاته المفاجئة.
يا الهي كنت أشاهد المباراة وكان نشيطاً ولا تبدو عليه آثار سكر وكيف كان سيختاره المدرب للعب وهو بمثل الحالة التي تتحدثين عنها؟
صمتت ساندرا وقاومت صمتها بتنهدات وزفرات حرى الى أن تمكنت من هزيمة صمتها وبحذر شديد أخذت تقول وهي تمد له التقرير الطبي الذي بين السبب الحقيقي للوفاة فأخذه وأخرج نظارته الطبية وأخذ يقرأ ذلك التقرير الطبي الصادر عن ادارة الطب الشرعي بمشرحة ام درمان التشريعي والمعنون بـ(نتائج الفحص المعملي) (ايداهور أندراوس) والذي يقول: بناءً على نتائج العينات التي اخذت من المذكور أعلاه ومضمنة بتقرير التشريح وهي عينة من الدم و البول ومحتويات المعدة والقصبة الهوائية وعليه من خلال نتيجة المختبر بوجود مادة (الكحول) في البول ومحتويات القصبة الهوائية عليه بأن هذه المادة هي السبب الرئيسي الذي أدى الى سبب الوفاة نتيجة هبوط الدورة الدموية والفشل التنفسي الحاد نتيجة انسداد المجاري التنفسية العليا بمحتويات المعدة.
لاحظت ساندرا تلك الدهشة فوق وجهه فقالت له:
هل صدقت أنه مات مخموراً..؟
أوه يا لها من مفاجأة صاعقة وغير متوقعة..
صحيفة حكايات