كنت أعتقد أنّ أكثر الحيوانات غيرة هو الأسد وابن عمه القطّ ، الذي كنت شاهدة على غرابة أطوار غيرته ، من خلال قصص عديدة ، إحداها عندما تزوج أخي قبل عشرين سنة من الآن ، وأعلن قطه الذي عاش لسنوات بيننا ، وكان متعلقاً جداً بأخي ، الحرب على عروسه،فكان ينتظرها لساعات عند باب غرفة النوم ،حيث تلجأ خوفاً منه ، وما تكاد المسكينة تفتح باب الغرفة، حتى يقفز فوقها ويغرس مخالبه فيها .
أذكر أنها خيّرت أخي بينها وبين القط ، وأنه ترددّ طويلاً في الجواب. ما أشعل فتيل أول خلاف بينهما ، انتهى بتضحية أخي بالقط مُكرهاً . لكن حزنه كان واضحاً لزمن طويل . حتى خفت أن يحلق حاجبيه حدادًا عليه ، أسوة بالفراعنة الذين كانوا بذلك يشهرون حدادهم على قططهم ، نظرًا لما يتمتع به القط من قداسة في حضارتهم .
ثم سمعت مَن يقول إنَّ الغزال العربي هو أكثر الحيوانات غيرةً، وتساءَلت ماذا عن إناث الحيوانات إذن؟ حتى قرأت مؤخَّراً أنّ مُزارعاً من جنوب أفريقيا عانَى من الغيرة الشديدة، التي تتملَّك إحدى بقرات مزرعته، ما كاد يؤدّي إلى انهيار حياته الزوجيّة، بسبب إعجاب البقرة به منذ أعوام، وتتبُّعها له كظلّه أينما ذهب.
عندما تزوَّج المسكين قبل عامين، ظلّت البقرة مُصرَّة على إعجابها وتعلُّقها به، وكانت تستشيط غيظاً، كلّما رأته يُداعب زوجته أو يمسك بيدها. وقد حاولت البقرة مراراً قتل الزوجة، بمطاردتها ومحاولة نطحها، كي تُوقعها في بئر المزرعة. ومازال الرجل منذ سنتين حائراً بين بقرته وزوجته، لا يطاوعه قلبه على بيع الأُولى، ولا على تطليق الثانية، ولسان حاله مع البقرة المخدوعة ” أخونك آه.. أبيعك لاء “.
(يتبع )