* وشارع النيل المشار إليه في العنوان أعلاه هو للأسف الشديد (شارع النيل الخرطوم) متنفس سكان العاصمة الوحيد؛ والمنطقة المعنية بحظر البقاء ومنع الجلوس؛ وتهديد المواطنين بمغادرتها فوراً هي تلك الواقعة جنوب برج الاتصالات مباشرة وشمال جسر المنشية؛ وبالرغم من أن المساحة الشاسعة تمثل ميداناً ممتداً وكامل الإنارة تحول إلى (ناد كبير) يضم حوالي ألف شخص يتوزعون في الجلوس على طاولات بائعات الشاي اللائي يبحثن عن رزق حلال في زمن صعب بات فيه سد الرمق و(لقمة العيش) تحتاج للعمل ليلاً ونهاراً؛ إلا أن (الدفارات) تأتي هناك يومياً بعد منتصف الليل منذ فترة ليست بالقصيرة وتطلب من الشباب مغادرة المكان؛ وينتشر الجنود بين (ستات الشاي) طالبين منهن إطفاء (نار الكوانين) وجمع الكراسي والطاولات سريعاً والذهاب لمنازلهن.
* يتم إخلاء الميدان المُنار من الشباب ليتوزع المطرودين في المناطق المظلمة الواقعة بعد (الفلل الرئاسية)؛ أو في قطعة الأرض شاسعة المساحة التي تتبع لرجل الأعمال عبد الباسط حمزة على امتداد النيل؛ وهناك من يُفضل الذهاب لنهاية شارع النيل عند التقاطع مع (شارع إم تي إن) ويقضي ما تبقى من (ساعات الزهجة) في تلك المنطقة التي يغطيها الظلام قبل أن يعود أدراجه من حيث أتى.!
* لم أفهم فلسفة طرد الشباب من أكثر الميادين إنارة وتركهم يذهبون إلى أماكن غير معلومة؛ واندهشت لأن قرار الحظر يشمل تلك المنطقة فقط ويغض الطرف عن (جخانين) ملغومة؛ وعجبت للاستهداف الذي لا يستند على منطق وتبدو حيثياته لكل من يرتاد شارع النيل غريبة وغير مفهومة..!
* سألت مسؤولا كان يقود حملة (دفار الطرد) عن سر هذا التصرف الغريب، وقلت له من حق هؤلاء المطحونين أن يجدوا لأنفسهم متنفساً في زمن صعب.. واستفسرته عن الجرائم التي يرتكبونها (في النور وأمام الكل) وبينهم رجال كبار في السن؛ وأسر تجلس مع أبنائها؛ وصبية يغنون في مجموعات؛ وشباب يتحلقون حول طاولات (الضُمنة والكوتشينة)، ولم أجد إجابة شافية عند الضابط الذي كان متعاطفاً مع المطرودين ولكنه (يُنفِذ التعليمات)؛ رغم إدراكه أن الفراغ العريض؛ وتلاشي الأندية؛ وغياب المراكز الثقافية يدفع هؤلاء الشباب للإتيان إلى هذا المكان..!
* أعجبني مواطن في الأربعين من العمر كان يحتسي كوب قهوة في اللحظة التي طلبوا فيها من الناس مغادرة المكان؛ فقد سأل بجرأة (باحث عن حق ضائع) عن سبب منعهم من الجلوس هنا؛ وقال طالما أن الناس موجودة بشارع النيل حتى الآن فهل هذا الطرد لمصلحة المحلات والبواخر التي تبيع المشروبات الباردة والساخنة بأسعار (سياحية) كي نذهب ونجلس فيها؛ أم يريدون محاربة هؤلاء النسوة المغلوبات على حالهن في أرزاقهن؛ ولم يكتفوا بالرسوم التي تأخذها منهن المحلية رغم عجزها عن توفير ساعات عمل متواصلة لهن في ظل وجود زبائن لا يزالون جالسين يخففون عن أنفسهم بتبادل القفشات ومن حولهم الشاي والقهوة والطلبات..!
* ندعو السلطات لمراجعة قرارها القاضي بمنع ستات الشاي من البيع في ساعة متأخرة من الليل طالما أن هناك زبائن موجودين؛ والمحلية تأخذ رسومها من كل (ست شاي على داير المليم)؛ كما نطالب معتمد الخرطوم الفريق أول أحمد علي أبو شنب الذي قال إنه (قطّع) ثلاثة أحذية بسبب التجوال الميداني في الأسبوع الأول لتعيينه معتمداً بمغامرة (تقطيع) حذاء رابع بزيارة تلك المنطقة لأن (تقطيع) الحذاء أهون من (قطع) رزق أولئك النساء..!
نفس أخير
* الما عندو ضهر.. يدفع الرسوم وبرضو يقولوا ليهو (يلا قوم) !