أدى توجه السودان نحو تعزيز علاقاته مع دول الخليج العربي إلى كسبه مزيداً من الثقة خاصة عقب مشاركته الأخيرة ضمن عاصفة الحزم وإعادة الأمل ضد جماعة أنصار الله التي استولت على الحكم باليمن فضلاً عن نفض يده عن إيران بإغلاق المركز الثقافي الإيراني، وعلى ضوء تلك التطورات يتطلع السودان إلى علاقات أكثر عمقاً مع دول الخليج على غرار علاقته مع دولة قطر راعية السلام بدارفور. وفي عهد الملك “سلمان بن عبد العزيز” فتح السودان صفحة جديدة مع المملكة بدأت بالزيارة التي قام بها الرئيس المشير “البشير” التي بحث خلالها مع خادم الحرمين الشريفين الملك “سلمان بن عبد العزيز” سبل التعاون بين البلدين.، ولم تغفل جانب التعاون الاقتصادي والاستثماري، وسبل تطويرهما لمصلحة الشعبين.
وفي الجانب الآخر توقعت الحكومة السودانية ارتفاع الاستثمارات السعودية في البلاد إلى نحو (15) مليار دولار خلال العام 2016 مقارنة بنحو (11) مليار دولار حالياً.
وللسعودية استثمارات كبيرة في عدة قطاعات منها الزراعة والصناعة. وكشف سفير السودان بالسعودية “عبد الحافظ إبراهيم”، عن تشكيل (5) لجان وزارية بين الخرطوم والرياض لدفع وتطوير العلاقات الثنائية.
وترى الحكومة السودانية أن فرص الاستثمار بالسودان أصبحت الآن مواتية أكثر من قبل، لاسيما بعد إدخال تعديلات كبيرة على قانون الاستثمار.
ويؤكد السفير أن توافر المقومات الاستثمارية والخدمات المغرية للمستثمرين، وكافة عناصر الجذب، ستساعد على زيادة الاستثمارات السعودية بالبلاد على وجه الخصوص عبر اللجان الوزارية الخمس التي شكلت لتعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وتحتل الاستثمارات السعودية بالسودان المرتبة الأولى عربياً بحوالي (590) مشروعاً سعودياً بالبلاد، وفقاً لمفوضية تشجيع الاستثمار.
وتستحوذ الحكومة السعودية على نسبة (30%) من مصنع سكر كنانة كأكبر وأقدم مشروع لإنتاج السكر في الوطن العربي، حيث يقدر إنتاجه بنحو (450) ألف طن سنوياً.
وضاعفت السعودية من استثماراتها في القطاع الزراعي بالسودان بنسبة تزيد على (34) في المائة، خلال عامي 2013 و2014 والذي يأتي بعد توجه سعودي نحو تنويع الاستثمار الغذائي، بتركيز كبير على محصولي القمح والأعلاف، عقب انطلاق الملتقى الاقتصادي السعودي – السوداني قبل عامين من الآن. توقعاتنا بزيادة نسبة نمو الاستثمارات الزراعية في الإنتاج الزراعي بنسبة تتجاوز الـ(50) في المائة.
وكان قد تمخض الملتقى الاقتصادي السعودي- السوداني الذي انطلق في الرياض قبل عامين عن تدفق الاستثمارات السعودية، في القطاع الزراعي بنسبة ارتفعت من (7) في المائة قبل عامين إلى نسبة (34) في المائة حالياً، مشيراً إلى أن حجم الاستثمار السعودي الكلي بمختلف أنواعه تجاوز الـ(13) مليار دولار بكثير.
وتمتلك السعودية مشروع الراجحي الزراعي وتبلغ مساحته (50) ألف فدان، أضيفت إليه أخيراً (50) ألف فدان أخرى بولاية نهر النيل، لتصبح مساحة المشروع الكلية (100) ألف فدان، مشيراً إلى أنه ينتج القمح والأعلاف والبقوليات.
وهناك مشروع زراعي جديد آخر للراجحي في الولاية الشمالية على مساحة (205) آلاف فدان، بدأ – حالياً – في ترتيبه وإطلاقه، وهو يهدف إلى زراعة القمح، متوقعاً أن ينتج (400) ألف طن من القمح، مشيراً إلى أنه أضيفت إليه إنتاجية مشروعه السابق التي تقدّر بـ(200) ألف طن من القمح، ليصبح الإنتاج الكلي للراجحي من القمح فقط (600) ألف طن سنوياً، فضلاً عن مشروع (طابا) الزراعي الذي تمتلكه شركة الروابي السعودية، بولاية نهر النيل، ويقع على مساحة تقدر بـ(225) ألف فدان، وهو تحت التحضير لزراعة المحاصيل الغذائية الرئيسية؛ أهمها القمح والأعلاف، مشيراً إلى أن هناك مشروعاً زراعياً سعودياً آخر باسم (دالة الزراعي) ويقع على مساحة تقدر بـ(50) ألف فدان بولاية نهر النيل أيضاً. وأضاف: (هناك استثمارات سعودية كبيرة قادمة بقوة خلال هذه الأيام، حيث أن لدينا اجتماعاً – حالياً – مع شركة (نادك)، وهي تطلب مساحة زراعية لا تقل عن (100) ألف فدان لزراعة القمح والأعلاف في شمال كردفان)، مشيراً إلى أن شركتي (المراعي) و(الصافي) لديهما مساحات زراعية لم تبدأ فيها بعد، تبلغ مساحة كل منهما (100) ألف فدان. وتتراوح المساحات التي تشغلها، عامة ما بين (10) آلاف فدان إلى (40) ألف فدان، وهي تنتشر في مختلف ولايات السودان.
ويقول وكيل وزارة الاستثمار “أحمد شاور” السابق إن هناك تقدماً ملحوظاً في زيادة الاستثمارات السعودية في السودان، مؤكداً نمو العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وكشف وفد استثماري سعودي زار السودان سابقاً عن توجيه ملكي صدر من خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك “عبد الله بن عبد العزيز” بالتوجه للاستثمار بالسودان، مشيراً إلى سهولة الإجراءات في هذه البلاد، مقارنة بالتعقيدات التي توجد بعدد من الدول .
ويبدو أن هذا التوجه يعتبر تطوراً طبيعياً في جميع المحاور التي تتعاون فيها السعودية، في وقت ينظر فيه العالم العربي إلى تحقيق الأمن الغذائي العربي الذي أعلنه الرئيس “البشير” فى القمة الاقتصادية في الكويت .
ويعزز تزايد الاستثمار السعودي في السودان من أهمية الأمن الغذائي العربي حيث تمثل المملكة الشريك الأول في هذا الصدد وفي كل القطاعات، لا سيما قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، غير أنها بدأت تبرز تقدماً واضحاً في المجال الزراعي، مما يمكن للسودان بجانب السعودية أن يلعبا دوراً كبيراً في سد الفجوة الغذائية في العالم العربي والتي تقدر بأكثر من (40) مليار دولار.
ويشير الخبير الاقتصادي د. “عز الدين إبراهيم” إلى أن السودان موعود باستثمارات عربية كبيرة خاصة السعودية، نسبة لما يتوفر به من مقومات وأراضٍ خصبة، لكنه أشار إلى أن الاستثمارات السعودية ينبغي أن توجه نحو قطاعات غير الزراعة. ووضع د.”عز الدين” تحديات عدة أمام الحكومة منها توفير الكهرباء والطرق وتسهيل الإجراءات بالنسبة للمستثمرين، لافتاً إلى أن تراخيص الاستثمار في بعض البلدان لا تستغرق ساعات لكن في السودان تأخذ شهوراً.
ونادى الخبير الاقتصادي “عز الدين” بإنهاء التعقيدات الإدارية، مشيراً إلى أن قانون الاستثمار غير معوق بقدر البيروقراطية وصلاحيات الولايات ومشاكل استخدامات الأراضي، مؤكداً أن الأوضاع والاضطرابات التي تشهدها البلدان العربية والأفريقية جعلت من السودان بيئة آمنة لجذب الاستثمارات، مبيناً أن الوضع في طريقه لمزيد من الاستقرار عقب الحوار الذي انطلق واعتزام الحركات المسلحة الالتحاق بالسلام.
المجهر السياسي