شاب جاءني يستشيرني في أمر غريب للغاية.. الإدارة الحكومية التي يعمل فيها أعلنت عن تنظيم (زواج جماعي) لمن يرغب من العاملين.
مراسم (الزواج الجماعي)- كالعادة- تقام في مكان عام.. إستاد كرة القدم.. الساحة الخضراء.. ميدان المولد.. المهم في مكان احتفالي يثبت حق الإدارة الحكومية في الإنجاز والإعجاز.
حتى هنا لا مشكلة للشاب.. لكن أهل العروس أقسموا إن بنتهم لن تكون (معروضات) إنجاز حكومي في احتفال عام!.
الشاب الذي وجدها فرصة لن تتكرر لتحقيق حلمه في الاستقرار في بيت الحلال.. شرح لأهل عروسته أن الإدارة الحكومية تتولى كافة التكاليف.. بما في ذلك (الشيلة).. بل وفوقها هدايا أخرى.. لكن أهل العروس استمسكوا بحقهم في (خصوصية) المناسبة..
قلت للشاب العريس.. الأمر سهل.. اطلب من الإدارة الحكومية التي تعمل فيها أن تمنحك كل مزايا (الزواج الجماعي) من شيلة وغيرها.. وتقيم مناسبتك وحفلك الخاص في نفس يوم (الزواج الجماعي) في المكان الذي يوافق عليه أهل العروس.. ضحك وقال لي إن هذا الحل لم يكن غائباً عن ذهنه.. لكن الإدارة الحكومية رفضت وأصرت أن مزايا (الزواج الجماعي) حق- فقط- لمن يوافق على الحضور في (العرض الجماعي) في الإستاد أو الساحة الخضراء.. وما سوى ذلك حتى لو أقام حفله الخاص مباشرة خلف الإستاد أو الساحة الخضراء فـ (هو ليس معنا).. ويفقد العريس حقه في كل المزايا.
وذهب الشاب أكثر من ذلك.. عرض على الإدارة الحكومية أن تفترض أن عروسه (مغتربة).. فيحضر هو (الزواج الجماعي) منفرداً.. ويظهر وتلتقط له الصور.. ثم يكمل بعد ذلك زواجه بطريقته الخاصة.. لكن الإجابة كانت واضحة؛ شعارنا (عرسان في الميدان)!.
المهم.. استشارتي لم تفد العريس في شيء.. وتابعت معه بعد ذلك قصته التي انتهت بتأجيل الزواج إلى أجل غير مسمى.. ربما بعد انتهاء البرنامج الخماسي الاقتصادي للحكومة، وانصلاح الحال.. أو الهجرة.. أيهما يأتي أولاً..
فليكن الله في عون حكومتنا.. التي عليها أن توفر الري لمشروع الجزيرة (الذي يبكي مزارعوه اليوم من العطش).. والقمح والدقيق لكل أهل السودان.. والدواء.. وسيارات لنواب البرلمان.. وضيافة (1500) مشارك في مؤتمر الحوار الوطني.. وكراسات وكتب ومعلمين للمدارس.. وفوق كل ذلك (شيلة) لكل عروسين في (الزاوج الجماعي).
وكما يعلن وزير التربية- بكل فرح وسرور- تفوق المدارس الحكومية في نتائج امتحان الشهادة على المدارس الخاصة.. أخشى أن يأتي يوم تزغرد وزيرة الرعاية الاجتماعية وهي تعلن تفوق (عرسان في الميدان) الذين جاؤوا عبر الزواج الجماعي الحكومي على (عرسان الصالات).
وفق النتيجة التي رصدتها وزارة الصحة من تقارير مستشفيات الولادة!.