نضال حسن الحاج : قالوا عنا

“ناصر محمد آل حسين” يكتب لصحيفة (مكة)
تالله هم ملح الأرض
عشنا أياماً عصيبة في مكة كشعب تقع عليه مسؤولية حسن الضيافة لأجناس من مختلف أنحاء الأرض، هي أيام يعز فيها علينا أن نخلد لهنيهة من الراحة، نستنفر فيها قدراتنا (كل حسب مجاله ووجه عمله).. يوم الرافعة المحزن كنت في الحرم المكي، بعد سقوطها بأقل من ساعة من الزمان، ألجمني الحزن على حجم المصاب، ومنقلب الضحايا، وفي تنقلي شاهدت قوماً طوال القامة، بشرتهم سمراء، تكسو ملامحهم الهيبة والنقاء البشري، إما حاملين مصاب، وإما هم بالقرب من مصاب، يغيثونه ويقدمون له يد العون، لم أنتبه وقتها لتلك الملاحظة، لتمر نواميس الأيام، ونفجع من جديد في حادثة التدافع، وأيضاً كنت في وسط المصاب الكبير بعد حدوثه بنصف ساعة وعايشت سقوط الضحايا واحداً تلو الآخر بصورة سريعة للغاية، وفي المقابل تدافعت الأجهزة الأمنية والصحية وأجهزة الطوارئ بكثافة على مكان الخطب، ولكن وتيرة تساقط الضحايا فاقت كل قدرات أجهزة الطوارئ، وحينها انتبهت مرة أخرى لقوم طوال القامة، بشرتهم سمراء اللون، وجوههم تشع هيبة وقبلها تشع بنقاوة الجنس البشري، تقدموا حين تراجع الجميع، ثبتوا عندما لاذ الكل بالفرار، حملوا المصابين مقدمين العون لأجهزة الطوارئ، وعندما تلاشت سيارات نقل المصابين حملوهم واحداً تلو الآخر لمخادعهم، وعندما استفحل الأمر خرجوا من معسكرهم مفسحين مكانهم للمصابين والأطباء (والأطباء هؤلاء أيضاً طوال القامة وبشرتهم سمراء)، جمعوا حاجياتهم في واحدة من خيام معسكرهم ونقلو الماء والدواء، وساعدوا المرضى، هو مشهد يعز عليّ وصفه بالكلمات، ولكن..!!
فليشكر كل سعودي ربه أنه جعلنا جيران هؤلاء، فليشكر كل مسلم ربه أنه جعلنا على ملة هؤلاء أو جعلهم على ملتنا، فلتشكر البشرية خالقها أنه جعل فيهم هؤلاء، ملح الأرض و(وتدها) كما يقولون هم، وساسها (كما يقولون هم).
أهل السودان، ورب الكعبة إنكم أصل النقاء البشري، وأصل الإنسانية، وملح الأرض.. أهل السودان، ورب الكعبة إن من جاوركم سعيد، ومن اتخذكم أخوة في الله لأشد سعادة.

Exit mobile version