يحكى أنّ تجربة المواطن السوداني (صاد)، الملقب بـ(حقدقد)؛ تكاد تكون أعظم التجارب (الحقدية) في العالم أجمع، فهذا الكائن (الحقدي) وصل درجة من الحقد والحسد إلى حد أن يحقد على نفسه ذاتها، لو حدث وأن توافر لهذه النفس (الخؤون) ما يسعدها، إضافة إلى تجاربه الحقدية العنيفة التي (هبشت) كل من دار في مداراته الخاصة، سواء أكان أحد أقاربه أو أحد أصدقائه، حتى أمه وأبوه وأشقاؤه لم يسلموا من سمومه (الحقدية الاكتئابية) المدمرة، فالرجل تأكيداً إن دخل مسابقة (حقدية) على مستوى العالم لحقق المرتبة الأولى، وتأكيداً سينال مكانته المرموقة في موسوعة (جينس)، باعتباره المعاصر الأكثر (حقداً) و(قتامة) قلبية و(نيات) سيئات؛ طالت حتى وطنه بترابه وناسه ومليون ميله المربع الذي كان.
قال الراوي: مما يحكى عن الرجل الأكثر حقداً، أنه بعد أن اعتزل الأهل والأقارب واختار له سكناً بعيداً، أنه حين كان يأتيه بعد فترة ربما تطول أحد أقاربه ليخبره بخبر ما، كان يبادر بالسؤال قبل أن يقدم للضيف حتى ولو كوب ماء، فيسأل وبعينيه بريق عجيب (مزيج من الحقد والحسد والكآبة القاتلة)، يسأل ضيفه: “أهه المات منو؟”. وغالباً ما تأتي توقعاته وقراءاته صحيحة، وحين يجيبه الزائر قائلاً: “عمك الحمد مات يا زول”. يرد بحقد مكين: “يستاهل”!!. ثم يضيف بذات النبرة (الحقدية المسمومة): “غيرو ما في زول قرب، كان مره ولا كان راجل من أهلك التافهين ديل؟”.
قال الراوي: وتقول الحكاية إن أحقد رجل في العالم بدأت أحقاده بدايات متواضعة إبان شبابه الأول، فبينما قرر أغلب أبناء قريته مواصلة دراستهم؛ قرر هو الاشتغال بعمل (متوهم) غير منظور، ورغم احتجاجات والده وأمه إلا أنه أصر على رأيه إلى أن اكتشف بعد سنوات أنه صار يحرث في (البحر)، فألبس الأمر برمته في عنق والده، الذي ظل يذكره دوماً حين يسمعه يهمس لأقرانه: “لو ما الحاج الواحد كان بقى دكتور”. فيذكره بقراره (المتوهم) وعمله غير المنظور.
قال الراوي: ومن حكايات (حقدقد) الطريفة أنه قابل بعد سنوات طويلة جداً أحد أصدقائه القدامى فأخذ يسأله عن رفقائهما القدامى، فيقول له الصديق: “حسين شمس الدين الزول دا هسي دكتور كبير”. فيقول (حقدقد): “دكترة الزمن دي خلينا منها، طيب ومحمد خليل”. فيقول الصديق: “يا زول الزول دا بقى دبلوماسي كبير”. فيقول (حقدقد): “يمين واسطات وبيع ذمم ساكت”. إلى أن يحدثه الصديق عن أحد أصدقائهما الذي صار رجل أعمال (ضخم) تجري (المليارات) بين يديه، فيحار (حقدقد) لثوان قبل أن يقول: “برضو ح يموت”.
ختم الراوي، قال: يوماً في المواصلات سمع (حقدقد) رجلين يتحدثان وأحدهما يقول للآخر: “شكلو البلد ح تتقسم تاني”. فقال (حقدقد) في سره: “إن شاء الله تتفرتق حتة حتة”. وضحك ضحكة حقدية مجلجلة لفتت إليه بقية الركاب.
* أرشيف