قبل أشهر قليلة كانت عربة فارهة تتوقف أمام بوابة القصر الجمهوري.. حارس الباب حينما اقترب من العربة المظللة وتبين أن بداخلها الدكتور نافع علي نافع اضطرب لدرجة جعلته يتصل برئيسه المباشر .. اسم مساعد الرئيس السابق وساعده الأيمن علي لم يكن مدرجا في قوائم المسموح لهم بدخول القصر في أي وقت .. مازال المسؤولون عن تأمين القصر في حيرة وينتظرون قراراً من فوق رؤوسهم حتى أتاهم الفرج.. دكتور نافع أمر سائقه بالانسحاب إلى حيث أتى .. ذاك الموقف المحرج عده بعض المراقبين مؤشرا للعلاقة مابين الرئاسة وكادر الحزب القوي .
قبل أيام أجري الصحفي المثابر عبدالرؤف طه حواراً مميزاً مع اللواء عبدالله البشير شقيق رئيس الجمهورية .. اللواء البشير أعاد نافع إلى واجهة الأحداث حينما وصفه بأنه الأقرب إلى قلب رئيس الجمهورية .. ومازال عبدالله يمتدح نافع ويصفه بنقاء السريرة بتعبير دقيق ومباشر قال:(مافي قلب نافع على لسانه).
٭ ربما يظن البعض أن اللواء عبدالله البشير يعرض خارج الزفّة باعتباره لا يشغل أي منصب في الدولة أو الحزب..لكن التصور هذا تهزمه معلومات في متن الحوار المميز .. اللواء البشير قال إنهم يعتبرون الرئيس في مقام والدهم ويجتمعون كأشقاء في أسرة واحدة يومياً مع تناول قهوة الصباح .. عبر التواصل الراتب المقرون بالثقة يتضح هنا تأثير الدائرة الأسرية على رئيس الجمهورية.. هذا يعني أن الراي الإيجابي في نافع يصدر عن عقل وربما قلب جماعي..المراقبون الأبعد يعتقدون أن الرئيس يثق ثقة كبيرة في اثنين من مساعديه أولهما الفريق بكري صالح .. وثانيهما الفريق نافع علي نافع .. الجمع بين هذه المتفرقات يؤكد أن نافع لا ينتظر الموت كما صرح في حديث صحفي للزميلة اليوم التالي ..
إلا أن هنالك تساؤل حول نفوذ الدكتور نافع الذي جعله حاضراً في المشهد السياسي رغم غياب المقعد الرسمي .. بجانب الخبرة السياسة توفرت عوامل أخرى عضدت مركز نافع في الحزب الحاكم .. تولى الرجل ملف الأمن مما جعل بين يديه (داتا) معلومات مما جعله ينجح في تجنيد كوادر ذات ولاء عالٍ له..لاحقاً انفرد نافع بإدارة الحزب الحاكم في سنوات الرخاء الاقتصادي والتنافس الشديد مع الحركة الشعبية .. هنا كانت خزائن نافع تفيض بالأموال على العدو والصديق .. هذه العوامل جعلت نفوذه عظيماً في الحزب الحاكم وإن غاب عن المشهد الحزبي.
٭ إلا أن السؤال المحرج يقول كيف تم تغييب شخص بهذا الوزن.. هنا تكمن حقيقة أن هنالك صراعاً على خلافة الرئيس البشير نشب منذ وقت مبكّر بين دكتور نافع والأستاذ علي عثمان.. صراع محسوس ولكن غير مصرح به.. كان كلاهما يعتقد أنه الأجدر بالخلافة .. نافع سلك مسلك الوضوح حينما قدم نفسه أو أوحى لآخرين بتقديمه.. كان شرطه الوحيد ألا ينافس الرئيس .. فيما علي عثمان كان يعتقد أن من يأتي الحكم لمن بعده ليس إلا البشير نفسه.. في مثل هذا المناخ التنافسي كان القرار الحكيم أن يذهب الرجلان معاً.
٭ في تقديري.. أن دكتور نافع سيعود لواجهة الأحداث مع مخرجات الحوار الوطني .. المستقبل القريب سيشهد تحسناً في العلاقة مع المؤتمر الشعبي الذي يحسّن الظن في نافع علي نافع .. كما أن اتساع مساحة التنافس مع أحزاب وقوى أخرى سيجعل المؤتمر الوطني يتحسس دفاتره القديمة.. في كل صفحة يكمن نافع أو أحد كوادره المخلصة.. هل سينتهي دور نافع بقصر الرئاسة؟؟ ذلك سؤال ستجيب عليه قادمات الأيام.