بمنتهى العقل.. بالله أحسبوها معي.. مؤتمر الحوار الوطني انبثقت عنه (6) لجان لتبحث المحاور الرئيسية التي يقوم عليها عماد المؤتمر..
قول واحد: لجنة (الحريات والحقوق الأساسية).. بالله عليكم مهما فعلت هذه اللجنة.. ولو اجتمعت لعشرين سنة هل بإمكانها أن تأتي بأفضل مما هو مكتوب في الباب الثاني من دستور السودان الحالي.. الحقوق المنصوص عليها لا تتوفر حتى في الدستور الأمريكي.. لماذا نعيد اكتشاف العجلة!
قول اثنين: لجنة الهوية.. وهذه أمرها أكثر عجباً.. يا جماعة (الهوية) ليست منتجاً يمكن تصنيعه أو التقرير فيه عبر مؤتمر.. مثلما (النفط) يتخلق في باطن الأرض عبر أزمان طويلة كذلك (الهوية).. هل سمعتم بدولة صنعت النفط أو أقامت حقولاً لزراعة النفط.. كذلك (الهوية) تتشكل في جينات تربة الأمة عبر آلاف السنوات لتمنح الشعوب مِزَّاجها الإنساني.. ماذا ستفعل الحكومة لو توصلت لجنة الهوية إلى أن هويتنا عربية.. أو أفريقية أو حتى توصلت إلى أن هويتنا:
(الأم سليلة أمهرا والوالد من قلب أثينا.. ترك الأهلين ذات مساء وترنح برا وسفينا..).. هل سيعاد كتابة ديباجة الدستور لينص على منبع سلالتنا الطاهرة؟ ماهي المخرجات المتاحة لهذه اللجنة؟؟ بالتأكيد لا أكثر من أن تقول جملة واحدة فقط (هويتنا سودانية)..
قول ثلاثة: لجنة العلاقات الخارجية.. بالله هل مشكلة الفرقاء السودانيين هي في اختلافهم على العلاقات الخارجية؟؟ هل هي لجنة لتكون بديلاً لوزارة الخارجية في رسم السياسات الخارجية مثلا؟؟
قول أربعة: لجنة السلام.. رئيس هذه اللجنة قال إن اللجنة ستنطلق نحو الولايات لتحقيق السلامّ!!.. هل هي لجنة لصياغة توصيات تستهدف صناعة السلام.. أم لجنة لمفاوضات السلام ؟؟
وحدها اللجنة السادسة هي صلب الموضوع وأساس الخلاف والاختلاف.. (لجنة الحكم).. قضية الحكم.. هنا كل شيء.. ولو كسبنا الوقت وفُتح الحوار المباشر الشفاف حول قضية (الحكم) لكان ذلك أحفظ لجهدنا ومالنا ووقتنا الثمين..
هذا المؤتمر ليس لوضع دراسة (أكاديمية) أو إستراتيجية بعيدة المدى.. هو مؤتمر محدود بايجاد مخرج للأزمة السودانية.. فقط لا غير.. وبكل أسف يبدو من التصريحات التي تخرج كل يوم من قاعة الصداقة أن الغالبية العظمى من المشاركين في اللجان جاءوا مدججين بأطنان من الكلمات والآراء في تفاصيل لا علاقة لها بالأزمة السياسية الراهنة..
والله العظيم.. ثلاثاً استطيع في جلسة لمدة ساعتين فقط كتابة كل التوصيات التي يمكن أن تصل إليها هذه اللجان.. ليس من باب (الشطارة) لكن لأنها توصيات مكررة سبق تضمينها في مئات المؤتمرات وورش العمل بل حتى الاتفاقيات السابقة التي وقعت بين الفرقاء السودانيين.. لماذا نهدر الوقت يا جماعة في (المعلوم بالضرورة).
لماذا.. لا نختصر الأمر كله في (قضية الحُكم) فهنا ترقد كل أفاعي الأزمة السودانية المزمنة..!!